يتسلم علي عزت بيجوفيتش الزعيم المعروف ورئيس البوسنة والهرسك سابقا، اليوم جائزة شخصية العام الاسلامية، التي منحتها اللجنة المشرفة على الجائزة في الامارات لبيجوفيتش هذه السنة لجهوده في خدمة الاسلام، والتي خصصتها الامارات منذ 4 سنوات للقادة والعلماء الاجلاء الذين قدموا خدمات جليلة لدينهم وشعوبهم من خلال جهادهم ونضالهم. ويعد علي عزت بيجوفيتش من الشخصيات الاسلامية التي استطاعت في ظروف قاهرة، اتخاذ قرارات شجاعة، ادت الى نجاة اغلب الشعب البوشناقي من المذبحة الشاملة، وتهجير ما تبقى منهم الى دول العالم المختلفة، وادت تلك القرارات الى بقاء جمهورية البوسنة والهرسك في خارطة العالم المعاصر. فعلى صعيد الحفاظ على وجود الشعب البوشناقي المسلم، اتخذ الرئيس علي عزت بيجوفيتش قرار المقاومة، وعندما جاءه وفد غربي يعرض عليه «ضرورة التفاوض» مع الصرب، قال لهم الرئيس علي عزت بيجوفيتش، انهم يريدون منا الاستسلام قالوا له «ليس امامكم خيار آخر»، فرد قائلا «سنقاتل الى آخر رمق اذا» وبذلك منع تحول البوسنة الى سربيرينيسا الكبرى تلك المنطقة التي ارتكب فيها الصرب بتخاذل واضح من السلطات الدولية آنذاك ابشع مجزرة عرفها البلقان في التاريخ حيث تم القضاء على اكثر من 10 آلاف نسمة.
لقد تم قتل اكثر من 200 ألف مسلم في البوسنة، ولكن تلك الضريبة القاسية منحت قتل اكثر من مليوني مسلم لا يزالون في البوسنة ينتظرون احياء دينيا شاملا بعد سنوات التيه تحت الحكم الشيوعي ومن قبله الاحتلال الارثوذكسي في زمن المملكة الصربية التي ورثت الاحتلال النمساوي.
لقد رفض الرئيس علي عزت بيجوفيتش جميع خرائط التقسيم المجحفة التي رعاها اللورد أوين، واصر على وحدة اراضي البوسنة والهرسك، ولم تتدخل القوات الغربية لحماية البوسنة وانما لمراقبة تحركات المسلمين، واستخدمت الغذاء واخبار الاغاثات الدولية للتغطية على المجازر، ولم تحم المسلمين وانما منعت عنهم السلاح، ليموتوا دون مقاومة، وفي تلك الظروف الصعبة استطاع المسلمون في البوسنة والهرسك بقيادة علي عزت ان يقلبوا المعادلة، ويصبحوا في الشهور الاخيرة من الحرب، وبعد حصولهم على كم السلاح بطرق مختلفة ان يحرروا مساحات شاسعة من اراضي البوسنة والهرسك. ولولا اتفاقية دايتون لتمكنوا من تحرير جميع اراضي البوسنة والهرسك. ولتصحيح مغالطة تاريخية، تمثلها مقولة ان قوى عظمى تدخلت لصالح مسلمي البوسنة من خلال اتفاقية دايتون، والحقيقة ان الاتفاقية منعت مسلمي البوسنة من تحرير اراضيهم عندما اصبحت كفة الحرب لصالحهم، وهدد الرئيس علي عزت في اوهايو بالولايات المتحدة بالويل والثبور وعظائم الامور ان لم يوقع دايتون. وهناك ظهرت براعة بيجوفيتش التفاوضية، فهو اشترط عودة المهجرين الى المناطق التي هجروا منها قسرا، لضمان انتشار المسلمين في مختلف انحاء البوسنة حيث يمثلون اغلبية في معظم المدن البوسنية، ثانيا محاكمة مجرمي الحرب حتى لا ينعموا بنتيجة عدوانهم ولاثبات ان التقسيم كان نتيجة للعدوان وبالتالي تبطل شرعيته، وهو ما لم يدركه الصرب إلا الآن، حيث يرجح احتمال الغاء الحكم الذاتي الصربي في البوسنة. وعندما تولى الحكم ضرب مثالا في النزاهة والعدالة واحترام حقوق الانسان، وقبل ذلك التقشف وحب شعبه والدفاع عن دينه ودعم مؤسسات العمل الاسلامي في البوسنة ماديا ومعنويا. وكان في كل مواقفه متوازنا، وحازما ويملأه الامل بالفرج في اقسى الظروف التي مر بها او مرت بها بلاده.
وقد ارسلت دولة الامارات طائرة خاصة لنقل علي عزت بيجوفيتش الى الامارات، وكان برفقته كل من الدكتور مصطفى تيريتش رئيس علماء البوسنة والهرسك وسليمان تسيريتش رئيس حزب العمل الديمقراطي الجديد وهو اول خليفة لبيجوفيتش على رأس الحزب، وباكر علي عزت بيجوفيتش وباكر صادوفيتش احد وجوه حزب العمل الديمقراطي. وستحضر تسليم الجائزة شخصيات سياسية وفكرية واعلامية من 40 دولة اسلامية.

سراييفو: عبد الباقي خليفة