بغية تدارك الأزمة التي برزت مؤخراً في الكويت بشأن الأوقاف الجعفرية وموضوع الحسينيات إثر مطالبة بعض النواب بإغلاقها مقابل إقدام الحكومة الكويتية على إغلاق بعض اللجان والجمعيات الخيرية الداعمة لأنشطة ذات صلة بالإرهاب، ولأجل إيجاد حل ونظام مقبول ومنصف لهذه الأزمة، بادرت الشخصيات البارزة من شيعة الكويت إلى عقد اجتماع هام لتدارس الأزمة ووضع المطالبات والحلول اللازمة لها.

الاجتماع الذي عقد منتصف شهر رمضان المبارك الجاري حدد لمناقشاته أربعة محاور رئيسية هي: الحسينيات – المساجد – الأوقاف الجعفرية – تشكيل لجنة تنسيق للتوصل إلى جملة الصياغات التي تمخضت عن الاجتماع الموسع، أعلن عن تشكيل لجنة من الوجهاء والمواطنين الكويتيين الشيعة، وهذه كلفت بمتابعة مسؤولياتها في السعي والتنسيق مع الجهات الرسمية المختصة والقوى والفاعليات الدينية والبرلمانية والاجتماعية المعنية بهذا الشأن.

وفي إطار أول تحركاتها ولقاءاتها بادرت اللجنة إلى عقد لقاء هام لها مع سمو الشيخ صباح الأحمد رئيس مجلس الوزراء بالنيابة ووزير الخارجية، الذي استقبل اللجنة بمكتبه الرسمي يوم السبت رمضان 1422 هـ الموافق 1 كانون أول ديسمبر 2001م، حيث بحث الطرفان عدداً من القضايا بينها موضوع الحسينيات والوقف الجعفري، الشيخ الصباح أكد لأعضاء وفد اللجنة الشيعية، أن القضايا المطروحة يجب أن يتم التعامل معها بروح الأخوة والحرص على الوحدة الوطنية…، مشيراً إلى أن الحسينيات حالها حال كل المؤسسات الرسمية ويجب أن تبقى وتمارس أنشطتها ووفق الترخيص الممنوح لها ويجب أن تنظم، ولكن الحسينيات الجديدة لابد أن ترخص، والتي ترون لا داعي لها نأمل تعاونكم بشأنها.

وأضاف الشيخ الصباح: (تعاونوا معنا وأعلمونا كم حسينية تريدون في المناطق الجديدة وسنتعاون معكم بترخيصها حسب طلبكم من خلال إحالة الموضوع إلى الداخلية أو إلى وزارة الشؤون لإصدار الرخصة).

واستطرد: إن الوضع الأمني دقيق في المنطقة والعالم، ورب ضارة نافعة من خلال ما حصل في الولايات المتحدة، حتى نعرف صديقنا من عدونا، خاصة إن من قاموا بالعمليات الإرهابية قد خرجوا من دور العبادة، لذلك فلابد أن يكون كل عمل اللجان والحسينيات وفقاً للقانون، ويجب أن نعرف كل حسينية جديدة تنشأ.

وبخصوص الأوقاف الجعفرية فقد طالبت اللجنة بأن تنشأ بمرسوم أمانة للأوقاف الجعفرية ورأى الشيخ الصباح أن تكون هناك دائرة خاصة للأوقاف الجعفرية في وزارة الأوقاف، وفي ذات الوقت أوضح أن الحكومة ستقدم قانوناً لذلك، واختتم: من خلال اللجنة المشكلة من قبلكم أعطونا تصوركم وبالتالي سنرى الأفضل ونطبقه، مضيفاً أنه سيخصص لهم مكاناً في الأمانة العامة للوقف مع مجموعة منكم ليسهلوا أموركم.

وحول المساجد ذكرت اللجنة أن في البلاد حوالي ألف مسجد، وللشيعة حوالي 26 مسجداً فقط وهذه نسبة متدنية، فأوضح الشيخ الصباح للحضور أن هناك أعداداً كبيرة من المساجد في الكويت، ولكن لعلمي بشعائركم الخاصة، فأي موقع تريدون فيه بناء مساجد في المناطق الجديدة فسنرخصه لكم.

أما فيما يتعلق بلجنة التنسيق فقد طلب الحضور من الشيخ الصباح إعادة العمل في اللجنة التي شكلت أيام الشيخ أحمد الحمود عندما كان وزيراً للداخلية، وهي اللجنة التي كانت مسؤولة عن 140 حسينية و26 مسجداً، وتضم: ماهر معرفي، أحمد السيافي، يوسف كمال، عبد اللطيف الصراف، صادق خلف، صالح الصفار، إبراهيم الشيخ، عباس القطان، والتي كان دورها التنسيق مع وزارة الداخلية حول الحسينيات والمساجد، من خلال إصدار الإقامات للخطباء وتوفير كل ما تحتاجه الحسينيات والمساجد من الأمن… فوعد الشيخ بدراسة الموضوع.

وشكر الشيخ صباح الأحمد أبناء الطائفة الشيعية لإصدارهم البيان الأخير من خلال اجتماع مسجد الإمام الصادق (عليه السلام).

وقال الصباح أن البيان أثلج صدورنا وهذا الذي أعرفه عنكم، وأنتم منا وفينا، ولا تقولوا سنة وشيعة، كلنا مواطنون كويتيون تحت القانون والدستور.

وبدورهم شكر الحضور من أعضاء الوفد الجعفري الشيخ صباح الأحمد على اللقاء الإيجابي المثمر بين الحاكم والمحكوم، بالإضافة إلى شكرهم له لتبرعه ببناء مسجدين في القرين ومبارك الكبير، مؤكدين أنهم مع تنظيم كل ما يستدعي التنظيم.

وفي تصرحاته للصحفيين عقب انتهاء اللقاء وصف رئيس مجلس الوزراء بالنيابة ووزير الخارجية الشيخ صباح الأحمد اجتماعه مع وفد المواطنين الكويتيين من المذهب الشيعي بأنه إيجابي وحقق الأهداف المرجوة منه، وإن هذا الاجتماع يأتي في إطار الحوار الوطني مع القوى والتيارات في الكويت للمحافظة على مبدأ الوحدة الوطنية بين كل فئات الشعب المسلم الكويتي.

أما الحاج علي المتروك الناطق باسم اللجنة فقد وصف الاجتماع مع الشيخ الصباح بأنه تميز بالصراحة والإيجابية وكان مثمراً. وقال المتروك في تصريح له لصحيفة القبس: (نحن دعاة وحدة ودعاة تنظيم كل ما يحتاج التنظيم وضد الفتنة).

الوفد الذي حضر اللقاء مع الشيخ الصباح ضم كلاً من:

صلاح خورشيد، علي المتروك، أحمد السيافي، عبد الحسين السلطان، عيسى بهمن، ماهر معرفي، صالح الصفار، إبراهيم الشيخ، جواد بوخمسين، محمد بن نخي، عباس القطان، صادق خلف، فيما تعذر حضور كل من جواد العطار، ومحمد قاسم دشتي، وكاظم عبد الحسين.

على الصعيد ذاته شدد الشيخ عبد العزيز الحبيب على ضرورة أن يحصر عمل اللجنة التي انبثقت أخيراً عن اجتماع وجهاء الطائفة الشيعية في تنظيم الأمور العبادية، رافضاً تحولها: (مشروعاً سياسياً) وتعاطيها في شؤون الانتخابات النيابية أو البلدية، ودعا الحبيب إلى أن تبني عضوية اللجنة مستقبلاً على أساس الانتخاب مبرزاً ضرورة الابتعاد عن العصبيات الطائفية، عند صوغ بنود القانون الأساسي للخيرات والأوقاف الجعفرية وأعرب الشيخ الحبيب عن أمله في أن يكون تأسيس الأوقات الجعفرية خدمة لكافة الكويتيين دون تمييز وان يراعي تقديم أولويات الخدمات الوقفية الاجتماعية والإنسانية موجهة إلى داخل الكويت بمدئياً.

ونصح الشيخ الحبيب بأن يتم تشكيل لجنة مصغرة ممثلة عن الحاضرين لزيارة المراكز الدينية المختلفة لإخواننا الكويتيين من أبناء المذهب السني ورموزهم الإسلامية والسياسية لتبادل وجهات النظر، وإطلاعهم على فكرة مشروع الأوقاف الجعفرية عن كثب، تأكيد على سلامة النفس وتكريساً لمفهوم الوحدة الوطنية في ظل شرعية القانون والدستور الكويتي.