كتب فهمي هويدي بعض ماجرى في بون حول القضية الافغانية كيف ان الغرب خدع الافغان وذلك من كلام الرئيس الافغاني السابق.

ونحن اذ نورد ذلك لكي يعرف المسلم ماذا يجري في بلده الاسلامي!

وهكذا الحال في سائر البلدان كان وسيكون!!

ولاحل الا بالثقافة والوعي الاسلاميين وان الله لايغير مابقوم حتى يغيروا مابانفسهم وذلك على الله بعزيز وان تنصروا الله ينصركم ويثبت اقدامكم.

 لولا الحراس لكان الانتحاريان المغاربيان فجرا نفسيهما فينا كلنا بعد أن رحبنا بهما وقضيا بيننا 10 أيام.

طالبان كانوا خليطا من دارسي العلوم الدينية وأنصار الملك السابق وبقايا الشيوعية والمافيا الأفغانية ـ الباكستانية.

كتب فهمي هويدي في صحيفة الشرق الاوسط بتاريخ 9 فبراير2002 النص التالي:

حين قلت لبعض الأصدقاء في كابل ان لقائي مع الرئيس السابق برهان الدين رباني سيتم في بيته وليس في قصر الرئاسة، أبدوا استغرابهم، ولم يصدقوا أنه ترك القصر بارادته، وهو الذي حرص طول الوقت على أن يبقى فيه، وقد سبب ذلك مشاكل كثيرة للمسيرة الأفغانية، كان آخرها أن بعض خلفائه نصحوه بأن يبادر إلى تسليم السلطة إلى الحكومة المؤقتة وترك القصر الرئاسي بعد انهيار نظام طالبان، حتى يفوت الفرصة على الدول الغربية في أن تشكل حكومة من جانبها، لكنه رفض أن يتنازل حتى اللحظة الأخيرة، وظل متشبثاً بالمنصب، فكانت النتيجة أنه فقده رغماً عنه، ثم أن الدول الغربية فرضت عليه حكومة تم تشكيلها في بون. ومع ذلك ظل مقيماً في القصر حتى بعد تسليمه السلطة إلى الحكومة المؤقتة في الثاني والعشرين من شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
سألت رباني ما اذا كانت عودته إلى بيته قد جنبته ضغوط العيش وضجيجه في قصر الرئاسة، فقال ضاحكاً ان الذي يشتغل بالسياسة يطلق الراحة منذ لحظة دخوله إلى حلبتها، وانه بعد تسليم السلطة لم يجد مبرراً للبقاء في القصر، ثم قرر مغادرته قبل يوم واحد من لقائه بي. وعلى حد قوله فإنه حين علم بذلك رئيس الوزراء حميد كرزاي، فانه ألح على أن يظل مقيماً بالقصر، بل وأخبره (على سبيل المجاملة في الأغلب) أنه سوف يستقيل من منصبه اذا ما غادره. وازاء ذلك فانه اختار حلاً وسطاً، بمقتضاه يقيم في بيته، لكنه يجري بعض مقابلاته مع الضيوف والمسؤولين في القصر.
* عار على أفغانستان
* قلت له انه لابد أن يكون مرتاحاً إلى العودة لكابل، بعد غياب عنها استمر أكثر من خمس سنوات (قضى أغلبها وسط أهله التاجيك في منطقة بدخشان الشمالية وأقلها في طهران)، فقال وقد ارتسمت على وجهه ابتسامة حزينة ان الفرحة لم تتم بسبب ما حدث في بون، سألته كيف: قال ان ما جرى هناك كان فضيحة بكل المقاييس، «اذ من العار على أي بلد أن تشكل حكومته خارج حدوده. وما كان يخطر على بال أي واحد من الذين قاتلوا دفاعاً عن شرف هذا البلد وكرامته، ان ينتهي ذلك الجهاد يوماً ما بتشكيل حكومة أفغانية في ألمانيا».
قلت: لقد تم كل شيء تحت أعينكم وبرضاكم.
قال: هذا غير دقيق، لأننا تعرضنا لخدعة من جانب ممثلي الأمم المتحدة. سألته كيف، قال: لقد قالوا لنا ان اجتماع بون هو لمجرد التشاور وتكوين أرضية مشتركة بين الفصائل الأفغانية. سألناهم بوضوح: هل ستتخذ قرارات هناك. فكان رد الأخضر الابراهيمي مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة ورجاله، أنه لن تتخذ هناك قرارات، واذا كان لابد من تقرير شيء، فسيكون ذلك في كابل وليس في بون، لكن الذي حدث جاء مختلفاً تماماً، وعلى النقيض مما اتفقوا معنا عليه. ولذلك لا أتردد في القول انهم احتالوا علينا وخدعونا لكي نرسل وفدنا إلى مؤتمرهم ونشارك فيه، ولو أننا علمنا بأنهم سوف يتخذون قرارات هناك لأرسلنا وفداً آخر أقوى (الوفد الذي مثل الجبهة المتحدة كان برئاسة يونس قانوني وزير الداخلية الحالي). وكانت النتيجة أن قرارات مصيرية بالنسبة لأفغانستان اتخذت في بون في غياب القادة الميدانيين الذين نذروا حياتهم للدفاع عن كرامة هذا البلد ومصيره وهو أمر غير معقول بالمرة.
أضاف: مهازل كثيرة حدثت في بون، من بينها ان المؤتمر فرض قائمة الوزراء على رئيس الحكومة ومعروف أن رئيس الحكومة في الدول الديمقراطية هو الذي يختار وزراءه، لكن المدهش أن الدول الديمقراطية قبلت في بون أن تناقض ذلك الوضع وان تختار هي الوزراء من دون علم رئيس الحكومة. ثم ان اتفاق بون حدد عدد الوزراء بـ23 شخصاً يمثلون كافة الفصائل، لكن المؤتمر رفع الرقم إلى 39، لارضاء الأمزجة المختلفة، فجاءوا بشاب عمره لا يتجاوز الثلاثين وعينوه لارضاء أبيه، كما عينوا آخر وهو شبه أُمي ارضاء لنفوذ قبيلته.

* قرارنا بيد الأمم المتحدة
* هل حاولت تدارك الموقف؟
*لقد فوجئت بكل ما حدث، فسارعت إلى الاتصال بالابراهيمي في بون، وسألته عن تفسيره لما فعلوه، فرد قائلاً ان الحاضرين هم الذين توافقوا على اتخاذ القرارات، كما أن 1200 صحافي من أنحاء العالم جاءوا يتابعون المؤتمر، لذلك بدا ضرورياً أن تقول لهم شيئاً، ولم يكن هناك مفر من اتخاذ القرارات.
* ما تقييمك للنتيجة التي انتهوا إليها؟
ـ لقد وضعونا أمام أمر واقع، ولم يتيحوا لنا أي خيار آخر. وأكرر أن ما جرى وصمة عار في تاريخنا. فقد أصبحنا دولة تحت وصاية الأمم المتحدة والولايات المتحدة، وليست هذه هي الدولة الاسلامية التي قاتلنا وقوتلنا لكي نقيمها في نهاية المطاف.
* وما العمل؟
ـ كل القوات الأجنبية ينبغي أن تخرج من أفغانستان في أقرب وقت، وليدعوا الأفغان يقررون مصيرهم بأنفسهم، ليس هذا فحسب بل كل الأجانب أيضاً الذين قدموا إلى هذا البلد من مختلف أنحاء العالم العربي والاسلامي.
* ألا يعني ذلك احتمال تجدد الاقتتال والفوضى في البلاد؟
ـ لقد مل شعبنا القتال، وأي دعوة من هذا القبيل الآن ستقابل بمقاومة شديدة. ثم ان الجبهة المتحدة مسيطرة وقادرة على أن تقيم نظاماً جديداً، مستثمرة صيغة «التحالف» التي تم التوصل إليها، الأمر الذي يعني أننا لن نكون بحاجة إلى وجود أي قوات دولية بعد انتهاء الفترة التي تحددت لمهمة الحكومة المؤقتة.
* هل تعتبر أن الأفغان هم الذين يملكون سلطة القرار في البلاد، بحيث يكون بوسعهم تبني مطلبا من هذا القبيل؟
ـ للأسف فان القرار لم يعد بأيدينا، وانما بيد الأمم المتحدة، وهذا وضع استثنائي مغلوط، يجب ألا نستسلم له.

* بعض المسؤولين في الحكومة الذين قابلتهم يرون أن التدخل الدولي والأميركي كان ضرورياً لمواجهة حركة طالبان والدعم الباكستاني لها.
ـ مراهنة باكستان على طالبان كانت خطأ كبيراً، أرجو أن يكون اخواننا في اسلام أباد قد أدركوا مدى جسامته. وللأسف، فان باكستان لم تكف من البداية عن محاولة بسط نفوذها على أفغانستان. فقرروا هذا على حكمتيار وجماعته في «الحزب الاسلامي»، وقد فشل ذلك الرهان بعدما خرَّب الرجل الكثير في هذا البلد. وازاء ذلك فانهم أنشأوا حركة طالبان، وهؤلاء لم يكونوا طلاب علم فقط، وان أوحت اللافتة بذلك، وانما كانوا خليطاً من دارسي العلوم الدينية وأنصار الملك السابق وبعض عناصر بقايا المرحلة الشيوعية والمافيا الأفغانية والباكستانية. وقد جذبوا باللافتة التي رفعوها أعداداً أخرى من الطلاب الدارسين في باكستان وآسيا الوسطى، ضللوهم واستقدموهم عندنا، ثم جنوا عليهم في نهاية المطاف.

*البعض يرون أن التدخل الدولي أسهم في استقرار الوضع في أفغانستان؟
ـ إذا بقيت القوات الأجنبية لأكثر من خمسة أشهر مقبلة، مع نهاية فترة الحكومة المؤقتة، أو إذا تجاوزت العام على أبعد الفروض، فسيعني ذلك أنهم لا يريدون لهذا البلد أن يستقر، انهم لا يعرفون أفغانستان جيداً، فهذا بلد المشاكل، واذا كان الناس قد ضاقوا بالقتال ذرعا، فأنهم لن يصبروا طويلاً على استمرار وجود القوات الأجنبية على أرضهم، إذ ستظل مصدراً للاستفزاز وجرحا للكرامة الوطنية. ولذلك أقول وأكرر ان إطالة بقاء تلك القوات من شأنها أن تصبح من أسباب عدم الاستقرار.

* الفيدرالية مشروع للتفتيت
* ما رأيك في موضوع عودة الملك السابق؟
ـ من الصعب أن نعيد التاريخ إلى الوراء. وغير مقبول بعد كل ما دفعناه وضحينا به أن نرجع إلى ما كنا عليه عام 1973، فذلك يعد استهانة بتضحيات هذا الشعب ونضاله المرير. ثم أن الرجل غير قادر بل أتصور أنه غير راغب فيما يدفع إليه. والذين يدفعونه هم العدد المحدود من حاشيته المحيطة والمنتفعة به، والدول الغربية التي تتصوره مظلة مناسبة للوفاق الوطني. وقد التقيت أخيراً سفيراً لدولة أوروبية أبلغني أنهم حين عرضوا فكرة العودة إلى كابل على الملك، فانه رد قائلا: سأفعل ما تريدون (المقصود ترؤس افتتاح «اللويا جيرغا» (الذي يفترض أن يمثل أهل الحل والعقد ومختلف الأعراق والقبائل في أفغانستان) لكنني أرجو أن تضمنوا لي العودة مرة أخرى إلى روما.
* ماذا كان شعورك حين جاء الروس مرة أخرى إلى أفغانستان مع القوات الدولية؟
ـ روسيا اليوم غير الاتحاد السوفياتي السابق. وقد لقيت الرئيس فلاديمير بوتين حينما زار تاجكستان، وعبر لي عن نفس الفكرة. والانقلاب الذي حدث في موسكو غير من سياستها بمعدل 180 درجة.
* ما رأيك فيما تردد عن أن عناصر حركة طالبان أسسوا حزباً باسم «حزام الفرقان»، لكي يشاركوا من خلاله في الحياة السياسية خلال المرحلة المقبلة؟
ـ اذا فتح الباب لتشكيل أحزاب، والتزموا بضوابط القانون ومبادئ العمل الديمقراطي والسلمي فلا مانع من أن يشاركوا، شأنهم في ذلك شأن غيرهم.
* بعض المثقفين التاجيك يتحدثون عن اقامة نظام فيدرالي في أفغانستان كحل للمشكلات العرقية، خصوصاً بين البشتون والتاجيك والأوزبك؟
ـ هذه دعوة للتفتيت أعارضها، وأفضل استمرار الوضع الحالي مع اعطاء سلطات أوسع وأكبر لمجالس شورى الولايات.
* ما رأيك في المشاعر المعادية للعرب بين التاجيك بوجه خاص؟
ـ رأيي أن بعض العرب ظالمون، وكلهم مظلومون، الظالمون منهم هم الذين قتلوا الشهيد أحمد شاه مسعود، والذين وقفوا إلى جانب من حاربنا ودمر قرانا، والمظلومون هم الشعوب العربية التي تربطنا بها وشائج لا يمكن أن تنفصم، وعواطف حارة بغير حدود، أقول ذلك رغم ان العالم العربي الذي قدم أبناءه ليشاركوا بدمائهم في تحرير افغانستان من الاحتلال، هو الذي وقف الى جوار باكستان ضدنا، ونحن نعذر الحكومات العربية في ذلك، لأنها بنت موقفها على معلومات خاطئة شوهت صورتنا، وهي ذات المعلومات التي سوغت لبعض الشباب العرب قتالنا، حتى ارادوا القضاء على كل قيادات الجبهة المتحدة.
* كيف؟
ـ عملية قتل الشهيد احمد شاه مسعود لم تستهدفه وحده، وانما كانت تستهدفنا جميعا، والشابان المغاربيان اللذان جاءا الينا في وادي بانشير ورحبنا بهما ترحيبا شديدا، لدرجة انه حين حاول احد رجالنا تفتيشهما تعرض للتأنيب. هذان الشابان قضيا بيننا عشرة أيام بحجة اجراء حوارات صحافية واعداد شريط تسجيلي عن رجالنا ومعسكراتنا، وقد شككنا في انهما صحافيان لأنه لم يكن لديهما سوى سؤال واحد هو: افغانستان بين الأمس واليوم والغد، لكننا استبعدنا تلك الشكوك، وقد وجد ذات مرة ان ثمة اجتماعا خاصا لقيادات الجبهة المتحدة، كنت مشاركا فيه مع الشيخ سياف عبد رب الرسول ومسعود، فرغبا في الدخول الى غرفتنا ولكن الله سلم، ومنعهما الحراس، ولو أخبرانا برغبتهما لسمحنا لهما من باب الحفاوة والترحيب، ولو حدث ذلك لفجرا نفسيهما فينا ولَقُتِلنا جميعا، وحين باءت محاولتهما تلك بالفشل، فإنهما تصيدا الشهيد مسعود في جلسة أخرى وقتلاه عن طريق حزام ناسف ارتداه احدهما.
* قصة ما جرى في قندز
* سمعت انك كنت طرفا في المشاورات التي سبقت مذبحة الأسرى العرب التي شهدتها قلعة «غانجي» في مزار الشريف؟
ـ هذه صفحة مفجعة وغامضة، فقد أبلغت ذات صباح بأن هناك حوالي خمسة آلاف من عناصر طالبان محاصرون في قندز وانه اذا حدث الاشتباك معهم فإن الدم سيجري انهارا، وسيكون عدد الضحايا هائلا. وقال لي محافظ قندز محمد عمر ان الافغان يريدون الاستسلام ولكن غير الأفغان يرفضون ويصرون على مواصلة القتال، طلبت فندريل مبعوث الأمم المتحدة وأبلغته الموقف، وقلت له اننا نريد طمأنة غير الأفغان اذا استسلموا، وسألته عما اذا كان يمكن وضعهم في معسكر تحت رعاية الأمم المتحدة، فاتصل الرجل بنيويورك ورد عليه الأمين العام قائلا: ان الصليب الأحمر يمكن ان يتولى الأمر، وحين نقلت الرسالة التي اقترحت حول اقامة معسكر لغير الأفغان في «تخار» قرب قندز وأبلغ بذلك غير الأفغان، وافقوا على الاستسلام على هذا الأساس. وبعد منتصف الليل، تلقيت اتصالا من مزار الشريف يبلغني بأن المجموعة اتجهت الى المدينة في حوالي 500 أو 600 سيارة، وانهم أوقفوا خارجها، وطلب منهم تسليم سلاحهم، ولكنهم رفضوا واشتبكوا مع القوات التي اعترضت طريقهم، وكانت هناك قوات اميركية وفرنسية في مطار قريب من مكان الاشتباك، فسارعت الى التدخل عن طريق القصف الجوي، الأمر الذي أوقع ذلك العدد الكبير من الضحايا، وحتى الآن لا أعرف ملابسات اتجاههم الى مزار الشريف وتغيير فكرة ايوائهم في معسكر تابع للصليب الأحمر، ولماذا تم الاشتباك معهم وقصفهم، علما بأنني واثق من انهم لو سلموا انفسهم للصليب الأحمر، لكان مصيرهم أفضل بكثير، خصوصا ان هناك آخرين من غير الأفغان سلموا انفسهم وأطلق سراحهم في هدوء.
* مثل من؟
ـ هناك 200 اوزبكي سلموا أنفسهم وسلاحهم وما يزالون في افغانستان ولم يعترض سبيلهم أحد.
* حزب للجبهة المتحدة
* هل أنت مطمئن الى المستقبل في افغانستان؟
ـ كيف أكون مطمئنا وفي البلاد قوات أجنبية، وحكومة شكلها الأجانب، ثم انني أعتبر ان هناك خطرا كبيرا يهدد هوية البلد، بل ازعم ان ذلك هو الخطر الأكبر، الذي ينبغي ان يحتشد كل المخلصين لصده ورفعه، فحين يأتي بعض مثقفينا من الخارج للدعوة الى العلمانية في افغانستان ذات الانتماء الاسلامي العميق، فلابد ألا نصمت ازاء ذلك.
* هل لديك مشروعات خاصة للمستقبل؟
ـ ليس لدي شيء خاص وانما كل مشروعاتي عامة، وأنا اتجه الى تحويل الجبهة المتحدة الى حزب سياسي، وقد بدأت اتصالات لهذا الغرض مع حميد كرزاي والحاج قدير.
* متى يمكن اعلان تأسيس الحزب ومباشرة عمله؟
ـ ذلك كله يحدث بعد أن تهدأ الأحوال، وتبدأ الحكومة الانتقالية عملها في منتصف العام بإذن الله.