اذا لم تصعد الحركة , كما وكيفا, تبقى في زاوية صغيرة من الارض.. ولن يكتب لها النجاح.

 من اهم مايلزم على الحركة الاسلامية , ملاحظة ثلاثة امور:

اولا\ السلامة.

ثانيا\الصعود .

ثالثا\ البقاء!!

ولايحتاج الامر الى برهان , فانه من القضايا التي قياساتها معها, فهل تتمكن حركة ,ما, بدون هذه اللوازم الثلاث , من ان تشق طريقها الى الحياة.؟ ثم اذا لم تصعد الحركة كما وكيفا , تبقى في زاوية صغيرة من الارض , كما بقيت عشرات الحركات كذلك, سواء من الاسلاميين او غير الاسلاميين .

ولنفرض ان الحركة كانت , سالمة وصعدت, ولكن بافتقارها الى عناصر البقاء , فان مصيرها السقوط ولو بعد حين من وصولها الى القمة..!!كما شاهدنا ذلك في حركات معاصرة , اسلامية وغير اسلامية , وكما حدثت امثال هذه الامور في التاريخ.

وهذه المقومات الثلاثة , تحتاج ايضا على اقل التقادير الى خمسة شرائط:

الاول\ اعطاء الحريات للناس غير الحركيين , بمعنى عدم المساس بحرياتهم.

الثاني\ المداراة .

الثالث\التزام السلم الصعودي التدريجي.

الرابع\ التواضع بمعناه العام.

الخامس\ سعة القاعدة , حتىتتمكن من تحمل البناء.

اما الاول: فان الحركات والتنظيمات , اذا لم تعط للناس , الحرية , فانها بشكل فعلي تكون قد ساهمت في نمو ظاهرة الرفض لها , وبالتالي توفر عناصر لهدمها والقضاء عليها, وكون الحركة او التنظيم , نخبويا , ويضم عناصر من الناس ,فهذا يعني انه ليس كل الناس , ولاشك ان الكثير يغلب القليل ولو في الخط البعيد.والغالب ان الناس يبدأون بانتقاد الحركة ورجالها, اجتهادا, او حسدا, او تحريكا او ماأشبه ذلك وهؤلاء الحركيون لايتحملون , فيردون ضغفا , أو أضعافا على النقد, وعادة يكون الرد اتهاما وسبا لاذعا وما اشبه ذلك.

وهكذا يتطور الامر , فيتحمس الناس لمواجهة الحركة والتنظيم, للتضييق عليها وابادتها, فتاخذ بالضمور, وينفض الناس من حولها , واخيرا تموت.وكم راينا من الحركات قد اصابها ذلك, ولذلك ورد في الايات والروايات, التاكيد على حرية الانسان , وان الانسان يلزم عليه ان يقابل السيئة…   بالحسنة.

وقال سبحانه (ويدرؤون بالحسنة السيئة) وعن رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم) انه قال : ( عليكم بالعفو , فان العفو لايزيد العبد الاعزا , فتعافوا يعزكم الله) وعنه صلى الله عليه واله وسلم , انه أتي اليه باليهودية التي سمته فقال النبي( صلى الله عليه واله وسلم) : ( ماحملك على ماصنعت؟) فقالت: .. قلت ان كان نبيا لم يضره , وان كان ملكا أرحت الناس منه . فعفا رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم ) عنها.

وعن الصادق( عليه الصلاة والسلام) انه قال لعبد الله بن جندب  ( صل من قطعك, واعط من حرمك, واحسن الى من أساء اليك, وسلم على من سبك, وانصف من خاصمك, واعف عمن ظلمك, كما انك تحب ان يعفى عنك) .

الامر الثاني\ وهو المداراة, قا ل الرسول صلى الله عليه واله وسلم: ( اعقل الناس اشدهم مداراة للناس , واحزم الناس و اكظمهم غيظا.) فينبغي ان تعلم ان الناس لايتحملون المتفوق عادة, مهما كان لونه  ومهنته وعمله…والحركات بطبيعتها التفوقية والتقدمية غير محتملة من قبل الناس , ولايمكن رفع هذا الابالمداراة الى ابعد حد , نعم الى ابعد حد ممكن , ولذا نجد في الروايات التاكيد على مداراة تاكيدا كبيرا.

فعن ابي عبد الله (( عليه السلام )) قال : جاء جبرائيل الى النبي صلى الله عليه واله وسلم فقال: ( يامحمد ربك يقرئك السلام ويقول: دار  خلقي( وقال الرسول صلى الله عليه واله وسلم( امرني ربي بمداراة الناس, كما امرني بتبليغ الرسالة). وعن الامام العسكري عليه الصلاة والسلام  ان مداراة اعداء الله , من افضل صدقة المرء على نفسه واخوانه , كان رسول الله صلى الله عليه واله في منزله اذ أستأذن عليه عبد الله بن ابي سلول , فقال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم :(( بئس اخو العشيرة أئذ نوا له , فأذنوا له فلما دخل اجلسه وبشر في وجهه , فلما خرج قالت عائشة :يارسول الله , قلت فيه ماقلت وفعلت به من البشر مافعلت؟ فقال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: ياحميراء ان من شر الناس يوم القيامة , من يكرم, اتقاء شره)).

وعن النبي صلى الله عليه واله وسلم, انه قال لسلمان الفارسي ياسلمان , الناس ان قارضتهم , قارضوك, وان تركتهم لم يتركوك , وان هربت منهم ادركوك , قال فأصنع ماذا ؟ قال : اقرضهم غرضك ليوم فقرك)

ان ابناء الحركة الاسلامية مدعوون للاقتداء بسيرة الرسول الاكرم( صلى الله عليه واله وسلم) في مداراة الناس, والا فان غياب هذا العامل من نهج وسلوك ابناء الحركة الاسلامية , يعني اصابة عملهم باضرار كبيرة بل قد يؤدي الى ان يذهب جهدهم في عملية التغيير الى سدى.

 الامر الثالث\ هو ضرورة ملاحظة السلم الصعودي التدرجي , فلان الله سبحانه وتعالى قد جعل الحياة ذات درجات, والتفوق لايكون الا بالتدرج وقد قالوا في المثل ( سريع النمو , سريع الزوال)وكما لايمكن في عالم الطبيعة, انقلاب الطفل رجلا, وانقلاب النواة, شجرة باسقة في ظرف سنة , كذلك يكون امر الحياة الاجتماعية , والا انقلب الامر على الناهضين فعوض ان يتقدموا , يتأخرون, ولذا نجد في الروايات تاكيدا كبيرا على الصبر والاناة . لانهما عنصرا بناء الصعود التدرجي السليم والراسخ, ولذا ركزت الروايات المباركة على الصبر , وقورن بالايمان, وعن علي عليه الصلاة السلام قال, قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم, الصبر خير مركب)وعن امير المؤمنين انه قال: ان للنكبات غايات لابد ان تنتهي اليها , فاذا احكم على احدكم بها, فليطأطئ لها وليصبر حتى يجوز , وان اعمال الحيلة فيها عند اقبالها , زائد في مكرها).

الامر الرابع\ التواضع, فانه امر ضروري لمن يريد التقدم , اذ التواضع يخفف من شدة العداء والحسد , اللذين هما من سمات الناس الذين لايتمكنون من ان يروا المتفوقين عليهم)فاذا راى العدو , عدوه متواضعا فان شدة عدائه له , من شانها ان تكتسي العد التنازلي , فتقل وتقل , وقد تصل احيانا الى الصفر, وقد قال سبحانه ( ادفع بالتي هي احسن فاذا الذي بينك وبينه عداوة كانه ولي حميم.ةقد شاهدنا نحن كيف قامت حكومات وانهارت , بسبب افتقار اعضائها الى التواضع, وتجبرهم وعتوهم. فعن الصادق عليه السلام انه  قال(كمال العقل في ثلاث : التواضع للله , وحسن اليقين, والصمت الا من خير).

والامر الخامس\ هو سعة القاعدة فكما انه لايمكن في الماديات بناء بيت وسيعا , افقيا او مرتفع عموديا على قاعدة ليس لها السعة المناسبة والقوة المتينه , كذلك الامر في المعنويات . فاللازم على القائمين على بالنهوض والتغيير والبناء في الامة الاسلامية , ملاحظة النسبة بين القاعدة وبين البناء , وهذا من كبرى شعب الاتقان والحكمة وتدبر عاقبة العمل ونحوها , مما اكدت الروايات عليها .فعن ابي جعفر عليه السلام, قال: ( اتى رجل الى النبي صلى الله عليه واله وسلم , فقال : علمني..؟ فقال: عليك باليأس مما في ايدي الناس فانه الغنى الحاضر . قال : زدني يارسول الله , قال: اذا هممت بامر فتدبر عاقبته , فان يكون خيرا ورشدا , فاتبعه , وان يك غيا , فدعه)

وعن الصادق عليه السلام قال في وصيته لعبد الله بن جندب: ( وقف عند كل امر حتى تعرف مدخله من مخرجه , قبل ان تقع فيه فتندم) والاخذ بهذه الاحاديث والعشرات غيرها ,.

والحاصل ان فكرة الانقاذ , عبارة عن الحركة الهدفية بالمقارنة بارفع اقسام الاخلاق على طول الحياة, فهو شبه العلم الذي يروي عن الرسول ( صلى الله عليه واله ) انه قال ( اطلبوا العلم من المهد الى اللحد) .. والناهضين يلزم عليهم ان ياخذو بما سبق, كونه جزءا من العلم المطلوب لمسيرتهم في الاصلاح.