حل مشكلة هذا العدد الأستاذ الشيخ علي عبد الرضا رئيس تحرير مجلة النبأ  

التقت صحيفة المغترب بعدد من الاخوة المهاجرين إلى البلدان الأجنبية القادمين لزيارة ذويهم في لبنان وسورية وتحدثت معهم حول أهم المشاكل التي يعانونها في بلاد المهجر. فكان التأكيد لأغلبهم على مسألة ذوبان المهاجرين في المجتمعات التي يعيشون معها الأمريكية، الأوروبية، وغيرها، وحسب ما ذكروا أن هذا التأثير بدأ في الجيل الأول من المهاجرين فكيف هو الحال بالأجيال القادمة؟

وذكروا أيضاً عدة مصاديق لهذا الذوبان منها: ابتعاد المهاجر عن القضية التي خرج من أجلها، والتقليد المخزي للمجتمع الانكلو أمريكي في اللباس والتصرفات، الاهتمام بالذات وتفكك الترابط العائلي، والانحسار التدريجي للتمسك الديني.

ان مسخ الشخصية الإسلامية حتماً هو المقصود بالدرجة الاساس من وراء هذه الامتيازات الباهرة والتسهيلات الواسعة للمهاجرين والجدير بالذكر أن المهاجرين يقعون بالمصيدة رغم علمهم بشباكها المنصوبة لهم. فبعدما وقع الذي وقع أصبحت مشكلة مستعصية ولها خطر نافذ في عمق الشخصية الإسلامية للمهاجر المسلم.

فلابد لنا بناءاً على التكليف الشرعي الملقى على عاتق كل مسلم حر، وخاصة بعدما وجهت لنا وأريد لها حلاً، ووفاءاً من الصحيفة بعهدها الذي قطعته على نفسها بمد يد العون لكل طالب له، توجهنا بالمشكلة إلى علم من أعلام الفكر الإسلامي. ليضع النقاط على الحروف ويوجه المسألة التوجيه الصحيح. راجين واياه من الله تبارك وتعالى قبول العمل.

المسلم الحر: لأجل حل مشكلة هذا العدد توجهنا بالمشكلة إلى الأستاذ الشيخ علي عبد الرضا فأجاب مسدداً مشكوراً.

ارتبط مفهوم الهجرة في ادبياتنا الاسلامية بالايجابية حيث جوانبها المشرقة التي تتمثل بطلب الامان او تحسين المستوى المعاشي او تطوير القابليات العلمية في البلدان المتطورة في هذا المجال إلا أن القرون الاخيرة افرزت حالات من الهجرة السلبية بعدما فتحت بعض الدول الغربية ابوابها لا بدافع الحماية او منح حق اللجوء الساسي او الانساني فيها بل لاهداف اخرى بعيدة منها محاولة فسخ الشخصية المسلمة وصهرها في بوتقة الثقافة الغربية وحيث انهم عاجزون في بعض الاحيان عن التأثير على المهاجر نفسه فقد وضعوا جل اهتمامهم في تربية الاطفال الوافدين او المولودين في هذه البلدان وهو امر معروف في كل بلدان المهجر ولاشك فإن هذه المسألة غاية في الخطورة اذا لم يلتفت لها المعنيون بالامر وردا على السؤال المطروح فلابد من الاشارة الى النقاط التالية:

1 ان الهجمة الفكرية والغزو الاخلاقي لا يشمل المهاجر فقط بل هذه الموجات بدأت بالدخول الى كل بيت مسلم عن طريق قنوات البث الفضائي والشبكة العالمية – الانترنت – فالمسلم سواء كان في بيروت او في لندن يتعرض لنفس التأثير عدا بعض الحالات القانوينة التي يلزم المهاجر بتنفيذها ( ان وجدت)

2 تعتبر مسألة بناء الذات بالنسبة للمهاجر امرا لابد منه  لتحقيق القدر المكن من الاعتداد بالذاته وبطريقة عملية نقول يجب ان يتعلم لغة البلد ال            ي يغيش فيه نطقا وقراءة وكتابة لكي يفهم ما يدور حوله كاملا ثم يحاول ان ينقل التجربة الاسلامية في الاخلاق الى المجتمعات التي لاتعرفها خصوصا ان الكثير من المؤسسات هناك تشجع من هذا النشاط و تأسيس جاليات قوية من حيث البناء اعقائدي والاخلاقي

3 العمل على بناء المؤسسات الاسلامية المستقلة والقادرة على تحصين اللاجئ من الوقوع تحت تأثير الثقافة الغربية وتؤمن له حالة الارتباط بدينه كمراكز التبليغ ، الحسينيات، المكتبات، المدارس الخاصة ، الصحف والمجلات والاذاعة والتلفزيون الى غير ذلك.

4 تكوين جماعات ضغط ولها مهمتان الاولى التعريف بالجالية الاسلامية واخذ حقوقها الخاصة بها من تعليم وتربية خاصة ضمن المجتع ولادولة بقرارات سياسية عليا

المهمة الثانية الضغط على حكام الدول الاسلامية عبر مراكز حقوق الانسان والمنظمات الدولية والدول صاحبة القرار السياسي والتأثير الفعال على الساحة الدولية لتغير سياسات هذه الدول وتحقيق الحريات والديمقراطية التي تضمن عودة الاجئين لاى اوطانهم

واذا ما تحقق هذا فإن البلاد الاسلامية ستعود دارا للسلام والامان كما كانت في العصور الاسلامية الاولى حيث كانت ملجأ سياسيا مثاليا اضافة لهجرة العديد من اصحاب الديانات الاخرى لهذه الدولة ولم تتعامل معهم الرسالة الاسلامية معاملة اهل الذمة – اي بأخذ الجزية منهم- كما ويجب توضيح هذه الحقيقة امام كل المحافل الدولية سياسيا وثقافيا واعلاميا.

بقي ان نشير الى ان المهاجر المسلم الواعي يستطيع ان يمد جسور ارتباط مع وطنه او المراكز الدينية في لابلدان الاسلامية عبر القنوات الحديثة التي تضمن ذلك ووضع هذا لالهاجس في اذهان الاطفال والتعامل مع المواقع الاسلامية بشكل يومي – وهو امر ليس بالعسير لمن يريد ذلك –

اخيرا نسأل الله تعالى ان يجعل بلاد المسلمين بلاد امان وسلام ورفاه لكي يعود كل غريب إلى وطنه سالما غانما ان شاء الله.