وأكثر الناس للحق كارهون!

في أول لقاء مع الدكتور …. في أجواء صحيفة السلام وبعد أن شرحت له تفاصيل طرح اللاعنف، قال لي (دام عزه): تبقى وحدك، حتى أصدقائك يتركونك! وبالطبع لم أصدّق كلامه مع اعتقادي بذكائه وطيب خاطره بالنسبة إلي. إلا أنه بقيت هذه الكلمة في ذهني ومهما حاولت أتناساها لعدم قبولها لكن ومع الأسف لم أتوقف لذلك… ومضت الأيام بل والشهور وبعد مضي أكثر من عام على ذلك اليوم.. التقيت به في مركز عمله وغمرني بلطف كما في كل مرة…

ومن جملة ما قال:

إنك لم تبق لنفسك صديق!! كما إنك تهدم الجسور من وراءك!! وأخذ يمتدح أسلوب الأمام الشيرازي في العمل السياسي والاجتماعي و… وقال: إلا أنه لم يكتب له الحظ.

قلت له: دكتور، ما هي المآخذ على عملنا؟

قال: تحاول الوصول إلى نهاية الطريق في وقت قصير… ثم استدرج قائلاً: كل الحركات الإسلامية في (…) كانت ترى الحق في نفسها وكان المطلوب من الجميع قبول أطروحتها ومن يرفض….! وأنت كذلك. وكان الدكتور على حق في كل ما قال… إذ:

1ـ وأكثر الناس للحق لكارهون.

2ـ والأغلب من الناس ـ ربما ـ لا يرون في أنفسهم أنهم من مدافعي فكرة العنف، لكن وبعد مطالعة المقالات والدعوة إلى اللاعنف ونبذ بعض الأخلاق السيئة، لا يرون القدرة على تطبيقها.

3ـ والأصدقاء المعنيين ـ كما في مثال الدكتور ـ بعضهم ممن ينادون باللاعنف يستعملون أشد وأقوى أنواع العنف. والبعض الآخر يعطي صبغة شرعية للعنف… والخلافات حول شرعية العنف وحرمته قائمة في صحفهم وفي الآونة الأخيرة أغلقوا أفواه الشعب بإلغاء 12 صحيفة إصلاحية تدعوا إلى اللاعنف من جهة وتهاجم الدين بعنف شديد من جهة ثانية…

فاعتقادنا باللاعنف والتهم على معتقدات الطائفة بأشد أنواع العنف غير مقبول بالإجماع.

4ـ والتعامل مع الدول ـ كما المح وأشار إليه الدكتور ـ غير موجود في قاموس اللاعنف، وإذ أننا لا نجد اختلافاً بيننا وبين الدول الإسلامية بعد اعتقادنا بإسلاميتهم وعدم الدخول في الصراع معهم، وهذا لا يعني التعامل مع الدول. فـ (المسلم حر) في أقواله وتصرفاته.

بالإضافة إلى أن الاعتقاد بعدم الخلاف لا يعني التعامل، والتعامل يعني العمل المخابراتي، وهذا ما يراه إمامنا وزعيمنا الروحي الإمام الشيرازي، حرام.. نعم، نحن ومن خلال (المسلم الحر) نسعى وبكل جهودنا أن نكون وسطاء بين الدول والشعوب حتى يكون لا ضرر ولا ضرار… وحتى لا يبقى سجين سياسي واحد في العالم… وحتى تنطفئ النعرات الداعية إلى العنف من أية جهة كانت. إذ وباعتقادنا وهو ما أقره جميع زعماء الدول الإسلامية ـ الروحيون والسياسيون ـ أن العنف لا يولّد إلا العنف.. والدم لا ينتج إلا الدم وهكذا وهلم جرا…

5ـ والوصول إلى النهاية في وقت قصير حكمة نحترمها ونسعى إلى تطبيقها وعلى الله الاتكال… وممارسات الحركات والأحزاب الإسلامية ـ ربما ـ هي ناتجة عن فهمهم للإسلام أو شعورهم بالمسؤولية… نعم ينافي قوله تعالى: (لست عليهم بمسيطر..) أما الإمام الشيرازي والحظ، فهو مرهون لأمرين مهمين:

1ـ الالتزام بالدين

2ـ الخوض مع الخائضين.

الثاني لا يقول به (دام ظله) والأول يفتخر به، وكما هو المعروف منه، والمرجعية الشيعية في كل الأدوار كانت لهم أسوة بآبائهم وأجدادهم (صلوات الله عليهم)… وأكثر الناس للحق كارهون.. وللبحث تفصيل حتى يسمح به الإمام (دام ظله)…