القاهرة: ممدوح سالم
محاور حقوق الانسان في الشريعة الاسلامية موضوع الكتاب الذي صدر حديثا في سلسلة كتاب الأمة التي تصدرها وزارة الأوقاف بقطر، يتناول مؤلفو الكتاب الثلاثة د. أحمد الريسوني، د. محمد الزحيلي، د. عثمان شبير هذه المحاور في اطار الشريعة الاسلامية، وبيان ما يترتب عليه من اعتداد بكرامته وسموه، وكذا ما تتميز به القيم الاسلامية من منطلقات تؤكد وحدة الأصل البشري، وما يترتب عليها من المساواة التي تعتبر روح الحضارة، والتأكيد على كرامة الانسان بأصل الخلق والتكوين، مهما كان لونه وجنسه، كما تؤصل وتؤسس لحرية الاختيار تحت شعار: «لا اكراه في الدين» وتعتبر ان الغاء الارادة والاختيار اسقاط لإنسانية الانسان.
وحول حقوق الانسان وكونها محور مقاصد الشريعة الاسلامية يشير الباحثون الثلاثة الى انها قضية مركزية في مسألة حقوق الانسان وحماية كرامته وتقرير انسانيته، وتتمثل في القيمة الكبرى التي حسمها الاسلام ولم يساوم عليها وهي عدم الاكراه فلا اكراه ولا إجبار. قال تعالى: «لا اكراه في الدين». لذلك يمكن ان نخلص الى الحقيقة التي هي أشبه بالبدهيات بأنه لا انسان بلا دين، أي بلا معايير وان الاشكالية التاريخية بين النبوة من جانب والطاغوت من جانب آخر هي في مصدرية تلقي القيم «الدين» وفسخ ألوهية البشر، وإفراد الله بالتوحيد. ويؤكد الباحثون انه على الرغم من واقع الانسان في عالم المسلمين، إلا أنه مع ذلك لاتزال القيم الاسلامية معقد الأمل، فهي القادرة باستمرار على انتشال الانسان ليجد انسانيته فيها، ويوضحون ان الكتاب من ثم محاولة ـ أيضا ـ لتحرير بعض الأحكام الفقهية، وأهمية الاجتهاد في ادراك مواصفات الخطاب الإلهي، وأهمية تطوير وسائل الرقابة العامة لحراسة الحقوق، وابراز دور الحسبة في حماية الحقوق، والتأسيس لهذه الوسائل في اطار المجتمع المدني، ومحاولة فك الحصار عن القيم الاسلامية، واعادة النظر بوسائل توصيلها لإلحاق الرحمة بالعالمين.
وحول مقاصد الشريعة كأساس لحقوق الانسان يقول الباحثون انه لا شك ان شريعة الاسلام الغراء تهدف الى تحقيق السعادة للإنسان في الدنيا لتحقيق خلافته في الأرض، فجاءت أحكامها لتأمين مصالحه، وهي جلب المنافع له، ودفع المضار عنه، ثم وضعت له الاحكام الشرعية لتكون سبيلا ودليلا لتحقيق هذه المقاصد، وأنزلت عليه الأصول والفروع لإيجاد هذه الأهداف وحفظها وصيانتها مع تكريم الانسان والسمو به عن مزالق الضلال والانحراف. ويشيرون في هذا الصدد الى أن حق التدين يعتبر من أهم حقوق الإنسان بعد حق الحياة إن لم يسبقه معنويا ويفوق عليه، لأن الدين أحد الضروريات الخمس وهو اهمها وهو حق مرتبط بالعقل والفكر، والعقيدة تنبع من القلب، ولا سلطان لأحد عليها، إلا لله تعالى. ويشير الكتاب الى المفهوم الصحيح للحسبة بما يعني فعالية المجتمع المسلم في القيام بأعمال البر والخير وتغيير المنكر وفق السياسة الشرعية، حماية لمقاصد الشريعة الاسلامية، كما يطرح في هذا السياق سؤالا مهما عن دور الحسبة الشرعية في حماية حقوق الانسان، ويتلخص الجواب في خمسة محاور هي: استيعاب كل ما جاء في اعلانات حقوق الانسان في الدساتير الحديثة، عدم اغفال الواجبات الملقاة على عاتق الانسان، اقرار الحقوق الجماعية للشعوب وعدم الاكتفاء بحق الفرد، مسؤولية الدولة عن حماية حقوق الانسان، ثم دور مؤسسات المجتمع المدني التي تشكل احدى الضمانات لهذه الحقوق. ويخلص الكتاب الى ان هذه المؤسسات الاهلية السلمية المحتسبة هي التي تنشئ العمل المثمر القادر على حماية حقوق الانسان أكثر من المؤسسات الرسمية لأنها لا تدور في فلك السياسة المحلية للدولة، وانما تدور في فلك مصلحة الأمة