* المرأة في ظل الديانات الهندية:

على الرغم من أن الهند تضم على أرضها أكثر عدد من الديانات في العالم والتي تزيد في تعدادها على «500» ديانة إلا أن تلك الديانات يمكن إرجاعها في حقيقتها إلى ثلاث ديانات رئيسية كان هذا الكم الهائل من الديانات الحالية قد انبثق عنها. وهذه الديانات الثلاث هي:

1ـ الديانة البـراهمية: والتي هي عبارة عن مجموعة من العقائد والشعائر والطقوس التي تنطلق فلسفتها من مبدأ وحدانية الخالق والخلق.

2ـ الديانة الفيديه: وسميت كذلك نسبة إلى كتاب «الفيدا» المكتوب باللغة الفيديه، والفيديه هي الديانة التي كانت تدين بها الشعوب الآرية التي أغارت على الهند من شمالها الغربي عام 1500 ق. م

3ـ البوذية: وسميت هكذا نسبة إلى «بوذا» وهو ابن أحد الحكام الذي عاش حياة رغيدة ثم تنسك تحت شجرة تين، وهناك تلقى رسالته الكبـرى.

لقد صورت الديانة البـراهمية خلق المرأة بصورة وطريقة تختلف فيها عن خلق الرجل وتقل عنها شأناً فقد ورد في الأسطورة الهندية القديمة بأن «المبدع الإلهي حين أراد أن يخلق المرأة، وجد أن مواد الخلق قد نفدت كلها في صياغة الرجل… فطفق يضع المرأة من القصاصات والجذاذات التي تناثرت من عملية الخلق السابقة».

وهذا ـ في حقيقته ـ فيه تقليل من شأن المرأة نسب إلى أصل الخلقة.

ولكن الديانة البـراهمية كانت قد بـرأت ساحة المرأة من الخطيئة الأولى ألا أنها ـ ومع ذلك ـ لم تعف المرأة’ من بعض التهم من تحمل ظلم المجتمع والرجل.

أما الديانة الفيديه فقد رفعت من شأن المرأة وأعطتها منزلة على قدر كبير من الرقي والسمو. إلا أن هذا المنزلة قد حط منها بفعل الكهنة. بحيث صارت المرأة خادمة لزوجها بل أمة له ولا يحق لها الاستقلال، بل وليس من حقهن الدراسة والتعليم.

أما في الديانة البوذية، فإن قبول المرأة لاعتناق الديانة البوذية كان محل نظر وتأمل كبيرين في فكر بوذا فقد ورد عنه حوار مع ابن عمه «آنندا» في المقام الآتي

أنندا: كيف نعامل النساء أيها السيد؟

بوذا: لا ننظر إليهن

أنندا: ولكن إذا اضطررنا للنظر إليهن؟

بوذا: لا تخاطبهن

أنندا: ولكن إذا خاطبننا؟

بوذا: كن على حذر منهن.

ولم تنضم المرأة إلى الديانة البوذية إلا بعد ضغط وإلحاح شديدين من قيل أنندا ـ الذي كان من أنصار المرأة ـ على بوذا الذي قبل مرغماً بفعل الإلحاح ـ ولم يخف بوذا موقفه آنذاك من المرأة حين قال لأنندا:

«ولو لم نضم المرأة لدام الدين الخالص طويلاً، أما الآن بعد دخول المرأة بيننا فلا أراه يدوم طويلاً».