الليبـرالية

إن الليبـرالية أو «المذهب الفردي» ـ كما يسمى ـ يعد في نظر علماء السياسة من نتاج عصر النهضة الأوربية تلك التي أنتجت ـ على ما يرون ـ فكرة الفرد المستقل أو ما يسمى بالإنسان الذي ليس له سيد «Masterless man» إن هذا المذهب يقوم على أساس الحرية الفردية وتقديسها. وكما سبق أن أشرنا نشير إلى أن «الحرية الفردية كمذهب سياسي هي نتاج للآراء والأفكار التي بـرزت في عصر النهضة. وكان التعبير السياسي لهذه الفردية الجديدة إعلاناً سياسياً عن الإيمان باستقلال المنطق البشري وأن الإنسان خير. وكانت هذه الحرية الفردية باعتبارها وسيلة حية وحركة فكرية، انعكاساً للآمال الاقتصادية والدينية والاجتماعية والسياسية للطبقة التجارية التي نشأت في ذلك الوقت. وكانت الحرية الفردية على وجه العموم هدفاً في حد ذاته».

وكون الحرية الفردية هي هدفاً يُسعى إلى تحقيقه بشتى الوسائل، سلبية ترد على هذه المذهب السياسي ولذلك غالباً ما تجد الفرد مطلق اليد تماماً إلا بما يصطدم ـ ظاهراً ـ بحرية الآخرين ـ ولكن الواقع يكشف لنا بأن هذه الحرية لا تحد منها حرية الآخرين فعلى صعيد الدول التي تعيش تحت ظل هذا المذهب تجد ـ وبدافع الغاية تبـرر الوسيلة أو الواسطة ـ كلاً يحاول تحقيق مصلحته دون النظر إلى مصالح الآخرين. وعلى النطاق الدولي تجد دولا وبنفس الدافع تسحق أخرى تحقيقاً للمصلحة التي تعد مصلحة فردية أيضاً ضمن نطاق المجتمع الدولي.

لقد اختلفت الآراء الليبـرالية مع المسيحية في أن الإنسان وليس اللـه ـ على ما ترى المسيحية ـ هو نقطة الالتقاء فيما يتعلق بالآراء والأفكار والحياة.

وهذا الاختلاف يعد طبيعياً وذلك أن هذا المذهب كان قد اعتمد أساساً على الأفكار والمصطلحات الإغريقية لا على مبادئ المسيحية.

يعتبـر الإنسان في ظل هذا المذهب بما هو إنسان يغض النظر عن مشخصاته هو نقطة البداية الصحيحة التي يجب أن ينطلق منها وذلك أن أصحاب هذا المذهب يرون في الطبيعة الفردية البشرية أقوى وأثبت أساس معتبـرة ذلك بديهياً لا يحتاج في إثباته إلى بـرهان.