الجماعة الاسلامية في لبنان تطرح ولاول مرة مشروعها السياسي ولأهمية هذا المشروع ارتأينا ان ننقله للقارىء الكريم.

ان تحديد مضامين المشروع السياسي للجماعة الاسلامية في لبنان، يكمن في عملية المقاربة الصعبة بين واقع الحياة السياسية اللبنانية وخصوصياتها وتداخلاتها الطائفية والسياسية الاقليمية والدولية من جهة، وتوافق ذلك مع منطلقاتنا الفكرية والعقائدية الناظمة لحركة دعوتنا الاسلامية من جهة اخرى.

أولاً، في واقعنا اللبناني:

ان الوضع السياسي اللبناني المأزوم، الذي بدا مع اختلاف اللبنانيين حول الهوية منذ الاستقلال وحتى توقيع اتفاق الطائف ووقف دورة العنف لم يستطع حتى الآن الوصول الى واقع سياسي مستقر، مما يوجب على القوى السياسية كافة وضع المخطط المناسب والسعي الى مغادرة الأزمة البنيوية للنظام بوتيرة متسارعة، لان تركيبة لبنان الطائفية – لا سيما بعد تكريس طائفية الرئاسات – في ظل ادارة عامة فاسدة ومترهلة، وأزمة اقتصادية خانقة، تهدد بنسف كل الانجازات السياسية والامنية، الامر الذي دفع الى حالات انقسام شتى بين اللبنانيين نتيجة الشعور بالاحباط والتهميش السياسي في لبنان من جراء الاداء السياسي المتعثر للحكومات المتعاقبة والاثار السلبية الناجمة عن قوانين الانتخابات وتحالفاتها ونتائجها، مما أوجد لدى البعض شعوراً بالانتقاص من الحرية والسيادة فجاهر بالعداء للعروبة ولسوريا وطالب بانسحابها من لبنان، الامر الذي دفع بالبعض الآخر الى التنبيه من مخاطر ومغبة ركوب هذا المركب الخشن. ولقد ساعد في هذا تزايد التأثير الثقافي والسياسي والاقتصادي والامني، الاقليمي والدولي بين فئات المواطنين، وما يرافق ذلك من انحدار غالبة اللبنانيين نحو حافة الفقر.

كما ان استمرار التهديد الاسرائيلي للبنان ومقاومته، وبقاء الاحتلال على جزء من ارضه، يوجب استمرار التعبئة الجهادية مع وجود احد اكبر التجمعات البشرية الفلسطينية على الاراضي اللبنانية، وحرمانها من حق العودة الى ارضها، وتسريب اخبار توطينها، وأثر ذلك على الواقع السياسي في لبنان.

ثانياً: في واقعنا الاقليمي:

1 – ان التفرد الاميركي في العالم، في ظل التوجه الدولي نحو قمع وتأديب كل الخارجين على مخططاته الاستعمارية وعمليات محاصرة وتضييق الخناق على حركات المقاومة والتحرر، فرض نظاماً عربياً عاجزاً عن تلبية تطلعات الشعوب وتوقها الى الحرية والاستقلال، ودفع نحو المزيد من الاحتقان بعد فشل سياسة فرض التسوية مع العدو الصهيوني وفشل كل محاولات التطبيع معه.

2 – بالاضافة الى تزايد حالات التضامن الشعبي والرسمي العربي مع انتفاضة شعب فلسطين، وتبخر اوهام الصلح المذل مع وصول الليكود الى سدة السلطة وانسداد أي افق للتسوية،  مما يؤسس لمواجهة شعبية شاملة في الداخل المحتل يستحيل بقاء المحيط العربي في منأى عنها، خاصة مع تزايد مساحة الوعي وتباشير الصحوة الاسلامية الواعدة، الامر الذي يطرح الاسلام كبديل حضاري للواقع القائم.

3 – انطلاقاً من نظرة الجماعة الى ان لبنان جزء لا يتجزأ من الامة العربية، وحيث ان العمق العربي والاسلامي يمثل البعد الاستراتيجي للبنان، لذلك فانه يجب على لبنان والحركة الاسلامية في تمتين علاقة الاخوة مع المحيط العربي وخصوصاً مع الدول التي تشكل حالة رفض للمشروع الصهيوني.

4 – وبما ان سوريا هي الجار الاقرب، وبوابة لبنان على العالم العربي، وعمقه السياسي والاستراتيجي والاقتصادي، فان الجماعة تعتبر الوجود السوري في لبنان وجوداً شقيقاً يحقق مصلحة لبنانية عليا، يفترض عدم طرحه كمادة نزاع بين اللبنانيين، ومعالجة الآثار السلبية التي قد تترتب عليه ضمن المؤسسات الدستورية.

في حركة المشروع السياسي الاسلامي:

ان الصراع السياسي في لبنان سيعيد بعض الحيوية المفتقدة الى الحياة السياسية، حيث سيتحول النقاش والجدل السياسيان حول الحرية والسيادة، وقانون الانتخاب العتيد، والحلول المناسبة للخروج من مأزق الملف الاقتصادي والاجتماعي، في جو ينبىء بحدوث تبدلات في التحالفات بين القوى السياسية، الامر الذي يوجب على حركتنا السعي لتحقيق التالي:

1 – تفعيل العمل السياسي في الجماعة، لاننا نؤمن في عقيدتنا ووعينا بان العمل السياسي عبادة اذا كان محكوما بضوابط الشارع واحكامه، مما يحتم علينا احلال العمل السياسي مكانه اللائق في تربيتنا الاسرية وتراتبيتنا الدعوية وعدم اعتباره عبئاً، مع لحظ امكانية تعثره وخطئه كما سائر الاعمال الدعوية الاخرى.

2 – السعي الى استعادة المبادرة السياسية في ساحتنا الاسلامية من خلال اطلاق النشاطات والبرامج والندوات والمحاضرات وتبني القضايا المحقة والدفاع عنها، والانخراط في شؤون المجتمع لما فيه خيره وصلاحه، وتحسين شروط المشاركة الفعالة في الانتخابات النيابية والتمثيلية كافة، والاهتمام بالبلديات والمجالس الاختيارية، وتدعيم ورعاية وجودنا فيها.

3 – مقاومة نهج الظلم والاستبداد السياسي، ومحاربة الفساد في الادارة من خلال تبيان الاخطاء والانحرافات، والتصدي لمحاولات كم الافواه وقمع المعارضة والتحذير من عسكرة النظام.

4 – السعي الى الغاء الطائفية السياسية، باعتبارها المخرج من المأزق القائم امام أي اصلاح سياسي اداري.

5 – الدفاع عن الحرية باعتبارها مقصداً عظيماً من مقاصد الشريعة، والاهتمام بقضايا حقوق الانسان والمحافظة على الحريات العامة، كاطار صالح لممارسة حياة سياسية نظيفة، والحرص على المكتسبات التي كفلها الدستور.

6 – ان الديمقراطية في مفهومنا هي الوسيلة المتاحة لحماية الحرية الشخصية وتأكيد مبدأ الشورى، واستمداد السلطة من الشعب، ومسؤولية الحاكم تجاه شعبه، وخضوعه للمسائلة والمحاسبة. ولذلك فنحن نسعى الى اصلاح النظام اللبناني باتجاه تحقيق تمثيل افضل للجماهير الشعبية، وتحصين الحريات السياسية، والمحافظة على اخلاقيات العمل السياسي.

7 – ان سن قانون عادل ومتوازن للانتخابات النيابية له اهداف وآثار بعيدة على الحياة السياسية، ومن المفترض ان يكون اكثر صحة وتمثيلاً وعدالة، وهذا يرتبط بنظام التمثيل كما يرتبط بتقسيم الدوائر الانتخابية، لذلك فان المطالبة بتطبيق النظام النسبي – وان على مستوى المحافظة – هو السبيل الاكثر عدلا ومساهمة في تحديث الحياة السياسية وانشاء التكتلات على اساس البرامج، مما يؤدي الى رفع نسبة المشاركة في الحياة العامة.

8 – ان واقع العيش المشترك مع المسيحيين في لبنان، يستدعي الوصول الى صيغة مقبولة لهذا التعايش، محكومة بالضوابط الشرعية، تلحظ خصوصية كل طائفة في احوالها الشخصية ومعتقداتها.

9 – ان اشكالية الخلط بين التدين والطائفية، وطرح العلمانية كعلاج للطائفية، يستدعيان ان يدرك الجميع ان علاج الطائفية البغيضة لا يكون الا بالتدين الصحيح، والمشكلة تكمن بتجار الطائفية ودعاة العلمانية المتعارضة مع قيمتنا واخلاقنا والمتدين لا يعرف التعصب فهو منفتح ويعترف بالآخر ويحترم رأيه ومعتقده (لا اكراه في الدين).

10 – اننا نرفض بالمطلق ظاهرة الخروج المسلح على المجتمع والدولة، وندعو الى نبذ العنف بكل اشكاله، ونعتقد ان ازالة المنكرات واصلاح المجتمع يكونان بالحكمة والموعظة الحسنة، وان الحوار هو السبيل لترسيخ السلم الاهلي والحياة المشتركة. وندعو الى الوسطية في الموقف والكاة والتوجه (وكذلك جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهداء على الناس) واليه يرفض كل انواع التطرف والغلو.

11 – ان نظرتنا الى التحالفات السياسية تنطلق من ان العمل السياسي يتحرك في واقع متعدد الاطراف، وصياغة التحالفات تتم من خلال الدائرة الصغيرة وصولا الى الدوائر الكبيرة. لذلك نرى:

أ – ترتيب الساحة الاسلامية عبر محاورة القوى الفاعلة والشخصيات والتوصل الى تحديد رؤية مشتركة.

ب – محاولة حشد كل طاقات الصف الاسلامي في جبهة واحدة تعمل على تكامل العمل الاسلامي وتنسيقه.

ح – رسم قاعدة الالتقاء مع القوى السياسية التي تجمعها قواسم مشتركة مع الجماعة، والدعوة الى اطار متحد يجمع كل الطاقات في (حلف فضول) جديد ضد الظلم والاستبداد.

12 – ان الوضع الاقتصادي المتفاقم وحالة العجز المتزايدة في الموازنة يدفعان الى تأكيد التالي:

أ – وضع سياسية اقتصادية تعتمد القدرة الذاتية للاقتصاد الوطني بعيداً عن المشاريع الكبرى التي تفوق قدرة الوطن والمواطن وترشيد الانفاق وتحقيق الاصلاح الاداري.

وضع حد لسياسة اغفال الموارد الداخلية والتمادي في الاعتماد على القروض الخارجية لما لذلك من اثار سلبية على مستقبل القرار الوطني.

ج – السعي لايلاء الوضع الزراعي الاهتمام اللازم.

د – ان مستقبل الصراع في المنطقة يتمحور حول المياه… الامر الذي يوجب المحافظة القصوى على هذه الثروة.

هـ – شكلت السياحة والاصطياف واقعاً مميزاً للبنان لذا تكتسب حملات حماية البيئة ومنع التلوث وتأمين مستلزمات النظافة العامة والوقاية أهمية بالغة.

و – السعي الدائم الى تحقيق انماء المناطق والمحافظات.

13 – الخصخصة.

14 – التأمين الصحي والضمان الاجتماعي.

15 – التعليم.

16 – القضية الفلسطينية، انطلاقاً من الواجب الملقى على العرب والمسلمين ازاء القضية الفلسطينية، فان الجماعة ترى من واجبها،:

9 – تعبئة الامة وتوعيتها بالخطر الصهيوني الذي يتهددها بكل مقوماتها ووجودها، والعمل على بناء المجتمع المقاوم بالفكر والممارسة، وتدعيم مسيرة الجهاد والمقاومة بكل الوسائل الممكنة.

ب – تبني قضية اللاجئين الفلسطينيين في لبنان ولا سيما تمتعهم بحق العودة، واقرار الحقوق المدنية والانسانية للشعب الفلسطيني المشرد، ورفع الظلم والحرمان عنه.

ج – اعتبار مواجهة المشروع الصهيوني في مقدمة اهتماماتنا من خلال التنسيق الكامل مع (حركة حماس) ودعم كل القوى المجاهدة، والحرص على ابقاء الساحة اللبنانية كساحة مواجهة ضد الاحتلال الاسرائيلي.

17 – قضية المرأة.

المرأة نصف المجتمع ومربية النصف الآخر، وهي معنية بالتكليف والمسؤولية الشرعية والمدنية كالرجل، ومن حقها ممارسة العمل السياسي والمشاركة في الانتخابات على كل المستويات ترشيحا وانتخابا ضمن الضوابط الشرعية.

 

الجزائر: قوات مكافحة الشغب تستخدم الرصاص الحي ضد المتضاهرين

الاوضاع في الجزائر لا تبشر بخير، وتشهد تطورات خطيرة لا تخفى على احد.

ففي منطقة القبائل الجزائرية التي شهدت مظاهرات قام بها السكان استعملت قوات مكافحة الشغب الجزائري الرصاص الحي في معالجتها للموقف، والوقوف في وجه المتظاهرين.

المصادر الرسمية بررت استعمال قوات الامن المذكورة للرصاص الحي بتبريرات واهية تمثلت في قولها: ان قوات الامن لم يكن في نيتها استعمال الرصاص الحي في مواجهة المتظاهرين، وانما وجدت نفسها مضطرة الى ذلك بعد ان نفذ ما بحوزتها من قنابل مسيلة للدموع.

حصيلة اقدام قوات الامن على هذه الفعلة هي 20 قتيلاً من المتظاهرين، الذين تظاهروا في العديد من مدن ولاية بجاية، وقراهام، اللتين تقعان شرق العاصمة الجزائر.

هذه الاحداث جاءت على خلفية وفاة شاب قبائلي في مقر الدرك في بني دوالة، وقيام دركين باهانة وضرب تلميذين ثانويين على مرأىً ومسمع من زملائهما، مما أثار حفيظة ابناء المنطقة الذين انطلقوا في تظاهرات، تمكنوا خلالها من تخريب معظم المرافق العامة، مرددين شعارات مناوئة للسلطة وضد الحقرة أي الاهانة.

هذه الاحداث اثارت قلقاً كبيراً لدى المسؤولين في الدولة الجزائرية، فيما استبعد المراقبون للأحداث استجابة الشباب المتظاهر لدعوات التهدئة التي تحاول الحكومة الجزائرية توجيهها الى الباب المتظاهر ومن المتوقع ان تشهد كل منطقة القبائل مظاهرات سلمية تلبية لدعوة جبهة القوى الاشتراكية.