قالوا أن الدين الإسلامي هو الدين الذي التجأ ـ في فرض أحكامه على الناس ـ إلى السيف، وإنما يعود السبب في انتشار هذا الدين إلى العنف، وما المعارك التي خاضها المسلمون في الصدر الأول إلا دليل إدانة على الدين الإسلامي الذي احتكم إلى السيف في سبيل فرض أحكامه وتعاليمه على الناس.

إن التتبع للتاريخ الإسلامي يكشف لنا مدى ما عليه هذه المزاعم من الكذب والافتراء على هذا الدين الإلهي القويم. فالمعروف أن المعارك التي خاضها المسلمون لا يخلو أمرها من اثنين:

1- الدفاع عن النفس

2- فسح المجال للناس للتعرف على هذا الدين.

فإن المسألة الأولى فغير خفي على أحد من مختصين في الشريعة الإسلامية، أو ممن له أدنى إطلاع عليها، أن قوى الشرك حاولت بما تملك من قوة الوقوف بوجه هذا الدين، بل وجندت ما تمكنت من تجنيده في سبيل تحقيق هذا الهدف، وليس من العقل أو الحكمة في شيء أن يقف هذا الدين مكتوف الأيدي حيال من يريد محوه من خارطة الوجود، بل الدفاع عن النفس أمر غريزي وهذا هو الذي حدا بالمسلمين للدفاع عن هذه الدعوة التي أمنوا بها.

أما عن الجانب الآخر فإن المعروف أن الله حين بعث الأنبياء إنما بعثهم وسطاء بينه وبين عباده ليوصلوا ما حملهم من أمانة إلى الناس ليختاروا هذه الدعوة أو يرفضوها.

بناءاً على هذا نقول بأي حق يقف المناهضين لدعوات الأنبياء حائلاً بينهم وبين الدين الذي يحاول أن يوصل صوت الحق إليهم؟

فهو لم يكن هؤلاء المناهضون على علم ودراية من أن هذا الدين لو وصل إلى إسماع الناس لأخذ بمجامع قلوبهم لم يكونوا يقفون هذه الوقفة بينه وبين استماع الناس إليه.

وليست المعارك الأخرى التي خاضها المسلمون إلا لأجل هذا الهدف، ولو أن أعداء هذا الدين قد خلوا السبيل بين الدعوة الإسلامية وبين الناس لم يكن المسلمون مضطرين لخوض هذه المعارك في سبيل إيصال الدعوة الإسلامية إلى مسامع الناس.

إذن لم تكن المعارك الإسلامية إلا للدفاع عن النفس، أو الدفاع عن الغرض الذي جاءت من أجله الشريعة الإسلامية وأنه لا مجال لوصف هذا الدين بأنه دين العنف والسيف…