كثيراً ما يحاول الكتاب ـ وذلك بحسب توجهاتهم ـ إلى تقييم القوانين الغربية بالنسبة لمواقفها من المرأة بطريقة تتناسب مع تلك التوجهات التي يحملها كل كاتب. وهذا عينه هو مايمارسه الكاتب الاسلامي أيضاً.

والملفت للنظر في هذا الشأن هو أن هو كل منهما عندما يكتب يتناسى الجانب الآخر الذي يختلف عن توجهاته فالكاتب بالإسلامي حين يريد الكلام عن نقص القوانين الأوربية عن الإحاطة بحقوق المرأة تجده غالباً ما يسلط الضوء على تلك المرحلة المظلمة في حياة الغرب والتي سبقت عصر النهضة، فيتناسى عندها كل مزايا العصور المتأخرة فيحاول جر ذلك الماضي إلى اليوم.

أما الكاتب غير الإسلامي ممن تأثر بالحضارة الغربية ـ بمقتضى ما أعمت بصره تلك الحضارة بأنوارها البـراقة ـ يسلط الضوء على ما بعد عصر النهضة مخلفاً وراء ظهر ذلك التاريخ الذي كانت عليه حقوق المرأة، قاطعاً كل خيوط الاتصال به لينطلق في كيل كل ما من شأنه أن يرفع من قيمة الحضارة الغربية.

وفي الجانب الآخر بالنسبة للكتاب الغربيين فالأمر مختلف نوعاً ما حيث لا تجد متأثراً بالشريعة الإسلامية اللـهم إلا ذلك العدد من الكتاب الذي لا يعتد به، فالأمر هناك هو انهم لا يسلطون الضوء ـ فيما لو أرادوا الكتابة عن حقوق المرأة في الإسلام ـ إلا على تلك المرحلة التي تدهورت فيها أحوال المسلمين، فصار الحكم فيها ملكاً عضوضاً وبدلت الأحكام الإسلامية الأصيلة بأحكام لا صلة لها بالإسلام وانما هي من وضع أناس شاءت الظروف المتحكمة في أن يتولوا منصب الصدارة في الدولة الإسلامية. وبالنتيجة فهؤلاء أيضاً يحاولون الحكم على الإسلام في نظرته لحقوق المرأة من خلال هذه المرحلة متناسين تلك الفترة التي كان فيها الحاكم لا يصدر في أحكامه إلا عن السماء.

وهذان المنهجان في الدراسة والتقييم كلاهما قد جانب الموضوعية في البحث وأننا إذا أردنا أن نُقيِّم فليس علينا أن ننقطع عن التاريخ في ذلك التقييم فليس الحاضر سوى حصيلة لتجارب الماضي. ولذا فيجب توحيد المنهج في ذلك مراعاة للموضوعية فيه.

في ضوء ذلك نقول بأننا لا يمكن أن نحكم على الإسلام بأنه يصادر حقوق المرأة بمجرد أن نرى التطبيق الخاطئ لتلك الأحكام الإسلامية الإلهية ـ التي لا تفرض على المرأة شيئاً إلا بمقدار يسير سهل ـ وان الإسلام هو الدين الذي تقبع المرأة فيه على هامش الحياة.

كما اننا حينما نحكم على المكانة التي تكنها الحضارة الغربية للمرأة لا نسحب تلك الفترة المظلمة منها على الحاضر لنحكم من خلالها على أن الحضارة الغربية تصادر حقوق المرأة.