مع إطلالة هذا الشهر بقيت أعين المحبين حائرة بين أن تُجَمِّد ماءها مستبعدة كل ما يمكن أن يشوبها بالحزن والألم، وبين أن تطلق العنان لدموعها لتفصح عن مدى ما تحمل من حزن وألم إزاء ما حل ـ يوماً ـ في هذا الشهر، الذي يعد الأول من الأشهر الحرم.

فأوائل هذا الشهر الحرام تحمل بين طياتها ما يسر قلوبنا فيحق لها أن تطير فرحاً لحلول مناسبة سعيدة كمثل هذي. أعني بها الذكرى المباركة للولادة الميمونة لثامن أئمة أهل بيت النبوة الأمام علي بن موسى الرضا (ع)، والذي كانت ولادته المباركة في الحادي عشر من شهر ذي القعدة الحرام من عام (148) هـ.ق.

ولكن الذي يؤسف له أن القدر لم يكن قد ترك لنا أن نعطي هذه المناسبة السعيدة حقها من الفرح، حيث أن آخر هذا الشهر من عام (220) هـ.ق كان قد حمل إلينا غصة لم تدع لنا مجالاً يمكننا أن نفرح أو نسر فيه حيث كانت شهادة ابن الإمام الرضا (ع) الإمام محمد بن علي الجواد (ع)، وذلك عن عمر يتراوح مقداره بين الـ (25) والـ (28) عاماً على اختلاف الأخبار التي نقلت لنا تاريخ هذا الحدث الأليم.

·        إن هذين الإمامين ـ الأب والابن ـ تعد شهادتاهما شاهد حق على العنف الذي كان يمارس آنذاك حيال الذين أوصى اللـه تعالى بموالاتهم. مع العلم بأن التاريخ ينقل لنا بأن هذين المنارين لم يكونا قد حملا يوماً لواء العنف ضد الحكومات التي عاصراها، وإنما كانا يحملان لواء العلم وتبليغ الإحكام الإلهية إلى الناس حسب.

إننا في تجمع «المسلم الحر» نتوجه إلى العالم الإسلامي كافة بالتهاني نرد فها بالتعازي بهذين المناسبتين الكبيرتين. ثم ندعو الأمة إلى الاستفادة من سيرة هذين الإمامين التي تقوم على أساس التسامح واللين قبال ما يقف أمام تحقيق رسالتهم الإلهية.

ثم إننا ندعو أصحاب السماحة ممن يتربع في موقع المسؤولية أن يسعوا جاهدين ـ وبصدور رحبة ـ إلى فتح صدورهم للكفاءات، واحتضانهم وذلك كي تجند هذه الطاقات لخدمة دولنا الإسلامية وتصب في مصب الصالح العام لعالمنا الإسلامي وخير ما نختتم به كلماتنا هذه بيتان من الشعر في هذا الشهر الذي حمل مناسبتين أليمتين معاً:

قد حلَّ في أرجائنا شهر  فاختل مما يحتوي سبكي

ذو قعدةٍ أم كان ذو عقدةٍ  بحلوله نفرح أم نبكي ….؟