بثت (المؤسسة اللبنانية للإرسال) في بـرنامجها (حوار العمر) لقاءاً ساخناً مع الدكتور نصر حامد أبو زيد أستاذ الدراسات الإسلامية في جامعة القاهرة دافع من خلالها عن نظرياته وبعض أفكاره.

كما سجل الطرف الآخر اشكالاته على الدكتور من دون بيان أدلة الحكم ومن ثم التفريق بينه وبين زوجته التي تحبه وتفضل البقاء إلى جانبه في هذه المحنة.

وكان حصيلة ذلك كله أن الدكتور توجه إلى جامعة (لايدن) في هولندا ليكتب دراساته في أجواء غير إسلامية… وهذا يعني أن المجتمع الإسلامي افتقده وخسره كما افتقد غيره من حملة الفكر والقلم.

وبالطبع إننا لا ننظر إلى المسألة على أنها دفاع عن أفكار أو هجوم عليه بمقدار ما نتأمل في سهولة أمور حكم الارتداد في الآونة الأخيرة، وأنها أصبحت موضة، من دون التأمل والدقة في العواقب، وان مثل هذه الأحكام لا تخدم الأمة الإسلامية بمقدار ما تخدم أعدائها.

فبدل أن نرجع إلى القرآن الكريم (سورة النحل 111 ــ 106 مثلاً) وتفسير المعصومين (عليهم السلام) وإصرارهم على جمع الكلمة، والحوار الحر، ونضج الأفكار وتلاقي الثقافات والحضارات، والدفع بالتي هي أحسن، التجأنا إلى أسلوب الرفض وقطع أغصان الشجر، والهيكل الإسلامي بحجج سياسية لا تمت إلى الدين بصلة.

فالآيات القرآنية وأحاديث أئمة أهل البيت (عليهم السلام) تقول: الناس في سعة ما لم يعلموا. والعلم هو الوصول إلى الحقيقة بعد مناقشات علمية وموضوعية مع أصحاب الاختصاص من الفقهاء والعلماء المنتشرين في البلاد.

والمستفاد من الأدلة الشرعية إن مجلس القضاء لا يجلسه إلا نبي، أو وصي أو شقي، وفي الأحاديث الواردة: اتقوا الحكومة، فإن الحكومة إنما هي للإمام العالم بالقضاء العادل في المسلمين كنبي أو وصي نبي.

والمطلوب في القضاء الحكم بين الناس (وفيهم) بالحق والعدل وعدم إتباع الهوى، فإن الله يأمر بالحكم بالقسط وإنه يحب المقسطين.

وفي بعض النصوص إن من أخطأ في الحكم فقد كفر..

وأما الدكتور، كما نفهم من لقاءه مع الزميلة (الشراع)       لا يقول بما يوجب الكفر والارتداد حتى يحق للقاضي الحكم عليه، وإذا كان كذلك فلا تفريق بينه وبين زوجته.

وأما القاضي (أدام الله جلاله) فليعلم إن المرتد إذا كان عن غير شبهة علمية وثبت الارتداد بالدليل القاطع الذي لا يشوبه شيء فعلى شورى الفقهاء المراجع وبعد ملاحظات كثيرة لا تعد ولا تحصى وتثبت في الأمر و … البحث في أمره وملاحظة الأهم من المهم وما يمكن وما لا يمكن.

وإذا كان كذلك ــ وهو نادر جداً كالعدم ــ فينظر في أمره واستتابته.

وأما زوجته الدكتور، فكما إننا نشكر دفاعها عن الإسلام ــ كما في مجلة الشراع ــ فكذلك نستنكر تهجمها على الدين في البـرنامج، وندعوها إلى الدقة في التعابير. لا التهجم على الدين والمعتقدات.

وإذا ثبت الارتداد ــ وقلنا بأنه نادر كالعدم ــ فالإسلام ينظر إلى المرأة المسلمة من منظار الإسلام يعلو ولا يعلى عليه، وبما إنها مسلمة لا يحق لغير المسلم أن يمسك بعصمتها وقرارها، وهذا منتهى الاحترام لها، ولو كان الإسلام ينظر إليها كسلعة لما كان يهتم بأمرها على الإطلاق.

ولاشك إن بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان، وان القذف حرام بإجماع المسلمين وهو من الكبائر، وكذلك الأمر في رمي المحصنات.

ولا حول ولا قوة إلا بالله  

الشيخ محمد تقي باقر

12/ج2/ 1421هـ