لقد بات واضحاً انه كلما خطا الإنسان خطوة في مجال التطور العلمي، وخلَّص عقله من اسر الضار من الموروث ــ والذي تمكن من عقول البعض فأوقفها عن التفكير باستقلالية بعيداً عن تأثير تلك الرواسب ــ كلما ازداد تقبله لفكرة اللاعنف ونبذ القوة كأسلوب لحل العالق من مشكلاته. إذا انه لو كانت القوة مقياساً لقيمة المخلوقات لكانت الحيوانات المفترسة اجل وارفع منزلة من الإنسان.

من منطلق ضرورة تنبيه العقول إلى أهمية اللاعنف قادت جمعية الهلال الأحمر العربية السورية حملة تحت عنوان بـ (بلا عنف). وقد اتخذت لها ــ في سبيل بث دعوتها ــ جناحاً في معرض دمشق للكتاب كانت قد تطوعت للعمل فيه مجموعة من الشباب الجامعي المثقف هدفها التعريف بالفكرة المطروحة واستطلاع آراء رواد المعرض من كافة الفئات والأجناس حول (اللاعنف) والقيام بتدوين تلك الآراء.

صحيفة (السلام) زارت بدورها ذلك الجناح وسجلت رأيها ــ متبنّاها ــ هناك، وبعد ذلك توجهت نحو مقر الهلال الأحمر فرع دمشق لتلتقي بكل من:

السيدة قمر قزعون شورى رئيسة الجمعية والسيد خالد عرقسوسي رئيس لجنة الشباب في الجمعية والمشرف على حملة (بلا عنف) لقد بادر كل منهما بالترحاب بنا فكان لنا هذا اللقاء معهما:

السلام: كيف نشأت فكرة هذه الحملة؟

السيد قزعون: بما أننا متهمون من قبل الغير بأننا من دعاة العنف فقد صار لزاماً علينا الدفاع عن أنفسنا بما نملك من الوسائل وهذا حق طبيعي في أن نظهر أمام العالم حقيقة أفكارنا. خاصة إذا رأينا من يتهمنا بالعنف يسعى بكل جهده في أن يظهر أمام العالم بصورة المسالم الوديع من خلال القيام بأمثال هذه الحملات.

علاوة على ذلك نجد ديننا دين الرحمة ــ والذي علينا أن نفخر به ــ مستهدفاً كذلك، في حين لم يكن الإسلام دين العنف يوماً، بل تتجسد فيه مبادئ الرحمة والحوار وعدم العنف وهذا ما نجده في القرآن الكريم وفي الكثير من آياته والتي منها: «ادفع بالتي هي أحسن»

وكذلك قوله تعالى: «ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك».

السلام: هل تعتقدون بأن هناك جماعة وراء رمينا بهذه التهم؟

السيدة قزعون: بالتأكيد، نحن نعتقد بان اليهود هم وراء محاولات تشويه صورتنا أمام العالم.

ثم انتقلنا بالسؤال إلى السيد خالد عرقسوسي بناءاً على توجيه السيدة قزعون باعتباره المشرف على حملة (بلا عنف) السيد ابتداءً بادرنا السيد خالد عرقسوسي موضحاً:

أن حملة اللاعنف لم تكن في واقعها حديثة، ولا ندعي بأنها من مبتكراتنا. ولكننا كجمعية إنسانية رأينا ضرورة الدعوة لهذه الفكرة الهامة في إطار الحملات السنوية التي تتبناها الجمعية، حيث تكرس جهود الجمعية على فكرة معينة لمدة عام كامل. فعلى سبيل المثال كانت مسألة حقوق الطفل موضوع حملة العام الماضي.

السلام: هل تعنون بكلامكم أن الحملة ليست دائمة؟

السيد عرقسوسي: نحن وكما ذكرت لكم نكرس جهودنا في كل عام لفكرة ما ننتقي بعدها فكرة أخرى وهكذا ولكن ذلك لا يعني أننا بانتهاء السنة سنرفع الفكرة السابقة من قاموسنا. إنما نذكِّر بها كلما حان وقت التذكير.

السلام: هل واجهتم معارضة في طرحكم للفكرة؟

السيد عرقسوسي: بالتأكيد، فهناك أسئلة كثيرة تردنا من قبل المثقفين مؤداها: <ماذا تعنون باللاعنف»

هل تعنون السكوت عن حقوقنا استجابة لهذه الدعوة؟

ولذا فنحن آثرنا أن نتدرج في طرحنا فندعوا إلى اللاعنف مع الزوجة، واللاعنف مع الطفل، واللاعنف مع الجيران وهكذا، اما تحقيق ما هو اكبـر من ذلك فلم يئن أوانه.

السلام: ما هو بـرنامج عملكم خلال السنة؟ المخصصة لـ (اللاعنف)؟

السيد عرقسوسي: إضافة لما قمنا به في معرض دمشق للكتاب. فقد رتبنا اعداد محاضرات في هذا الشأن، إضافة إلى نشر المقالات في الصحف واسعة الانتشار كـ (تشرين والثورة).

السلام: من خلال استطلاعكم للآراء هل تعتقدون بان الفكرة قد لاقت رواجاً في الأوساط المثقفة؟

السيد عرقسوسي: الاراء الكثيرة التي تم استحالصها والتي تؤيد الفكرة دليل على قبولها.

السلام: ختاماً نتوجه لكما بالشكر الجزيل متمنين لكم النجاح في تحقيق ما تصبون إليه.

السيدة قزعون: ونحن ندعوا لكم بالتوفيق، ونحيي فيكم اهتمامكم هذا في ترسيخ هذه الفكرة.