اطارت الآمال المعقودة على ما جَدَّ في حياته النوم من عينيه تلك الليلة، فقد هاجم عمود الفجر دهمة الليل خلسةً لينذر بتقهقر العتمة ومع ذلك لم يغمض لعينه جفن.

ترى هل يعقل أن ينادم النوم جفنيه وهو على ما هو عليه من حال، ثم ماذا سيكون لو غلبه النوم ولم يتمكن من الحضور في الوقت المحدد في اليوم الأول من حصوله شرف الخدمة في حديقة قصر الـ (بيَك).

أن من العقل أن يبكر صبيحة ذلك اليوم ليكون أول داخل للقصر، على مثل هذه الحال رن جرس الساعة معلناً حلول الموعد الذي فرض على نفسه أن ينهض فيه ــ فيما لو غمض له جفن ليلته تلك ــ ليسجل لنفسه سبقاً بأنه أول من حضر.

وفي الطريق إلى القصر قلَّب الأمور ثانية محاولاً إعادة ترتيب المبعثر منها محاوراً نفسه:

سأكون اليوم وجهاً لوجه مع الـ (بيكَ).. (بيكَ) الذي لم أكن أراه سوى على شاشات التلفاز أو على صفحات الصحف والمجلات، اليوم ستتحقق أحلامك، ماذا تراك ستطلب يا ترى؟

حساباً في البنك، أم سيارة فاخرة تزهو بها على أبناء حيك. أم بيتاً يؤويك وأولادك

نعم.. نعم، انه البيت، سأطلب بيتاً.

وهكذا استقرت حاله على انه يكون أول حلم يجب تحقيقه في سلَّم أولوياته هو البيت، وهذه فرصة يجب أن تستغل ولا يمكنه أن يدعها تفوت فالفرصة تمر مر السحاب ومغفل من يدعها تمر دون أن يستغلها.

بين كومة أحلامه تلك وممارسة ترتيبها، توقفت السيارة التي تقل العاملين لتعلن نبأ الوصول ليهرع ــ على صوت النداء ــ إلى عمله كما هرع الكل.

انه غير معقول يفرك عينيه ليتأكد أن كان ما يرى حلماً أم حقيقة، انه منظر يأخذ اللب ولكن كل من فيه يعمل دون أن يتفوه بكلمة وكأننا في خلية نحل.

مرت ثلاثاً أو أربع ساعات وإذا بجلبة تحيط بـرجل، رمقه بنظرة واذا به هو، هو بعينه، حمداً للُّه أن أحلامك بدأت تتحقق تدريجيا هكذا كان يكلم نفسه، وحين مر الـ (بيكَك) من جانبه اندفع بكامله في خطوة لتحقيق ما حلم به:

سيدي أنا وعائلتي نعيش في بيت استيجاري فارجو من………، ولم يتم كلامه حتى انهالت عليه السواعد ضرباً بمقابض الأسلحة النارية التي كانت تحملها. كما أكملت الأرجل التي ترتدي الأحذية الغليظة ما بدأته الاكف لتقع على كل مكان تقع عليه من جسده ومن دون تحديد.

من أذن لك بالكلام؟

من هم أصحابك؟

حتما أنت متآمر، ولم تشفع الدماء التي سالت تحت جسده في تخفيف حدة الضرب الذي نزل عليه، كما لم يهون الخطب عنه وقوعه تحت طائلة الإغماء، ولم ينقطع كيل الأسئلة إلا عن جثة هامدة قضت نحبها بجريمة أنها كانت تحلم.  

الحميد