العنف واللاعنف هما من المفاهيم المتناقضة، ومن ضرورات النقيضين انهما لا يجتمعان معاً في محل واحد، في وقت واحد، من جهة واحدة، كما انهما لا يمكن ان يرتفعان معاً كذلك. فاذا وجد اللاعنف ارتفع العنف قهراً، وبالعكس، ولا يمكن ان تخلو الحياة منهما كمنهجين حياتيين أبداً.

بناءً على ما تقدم اقول لا يمكن انتهاج هذين المنهجين في آن واحد، وعدم الامكان هذا ليس عائداً الى الرغبات الشخصية للانسان وانما هو عدم إمكان عقلي.

فمن تنتهج العنف لا يمكن ان ينتهج معه اللاعنف نهائياً فلا سبيل الى ذلك أبداً، وكذلك من ينتهج اللاعنف.

نعم قد يتعاقب العنف واللاعنف على أمر معين وذلك حسب اختلاف ظروف وملابسات ذلك الأمر.

 فقد يحاول البلد المحتل من قبل قوى استعمارية خارجية اللجوء الى الاساليب اللاعنفية في سبيل استعادة السيادة، واخراج تلك القوى المحتلة، فهذا البلد حين انتهج اللاعنف وهو يقصد ذلك حقاً لا يمكنه – اذا اراد الحصول على ثمار اللاعنف – انتهاج العنف في نفس الوقت ولكن فيما لو استنفد طرقه اللاعنفية، ويئس من الحصول على مبتغاه من خلال هذه الطرق عندها يمكنه انتهاج اسلوب العنف الذي يقره له القانون الدولي لاخراج المحتل واستعادة الارض.

فهذا التحول انما كان لتغير ظروف ذلك البلد، مما اجبره على التحول.

اذن العنف واللاعنف مبدآن متناقضان لا يمكن استخدامهما معاً اذا اريد الحصول على نتيجتهما المرجوة ولكن هناك امر يجب التنويه اليه الا وهو، انه قد يلجأ البعض خطئاً الى استخدام اسلوبين معاً فكيف تسنى له الجمع بين النقيضين مع استحالة ذلك عقلاً؟

ان هذا الذي يلجأ الى هذين المبدأين معاً لم يكن قد استخدم كليهما في وقت واحد، ومحل واحد وآن واحد معاً، فهذا مستحيل، فهو اذن انما يلجأ الى ذلك ليس مع انطباق الشروط المتقدمة اذ لا سبيل الى ذلك مطلقاً وانما، قد يختلف زمان استخدامهما، او محله كذلك، او جهته. وإلا فالجمع محال كما تقدم ذكره.

 أيمن الصادقي