هذا الشهر المبارك هو ثاني الاشهر الحرم الذي حرم الله تبارك وتعالى فيه القتال وفيه يشخص المسلمون الى الكعبة المشرفة التي تعد المكان الآمن لجميع المسلمين باختلاف آرائهم وسلائقهم ونسبة فهمهم من الدين السمح.

ولا تقول باختلاف مذاهبهم -إذ لنا كلام مفصل في الوحدة وما فيها- ونرى ان هذا الاختلاف هو نتيجة اجتهادات حصلت في عصر الائمة(عليهم السلام) ولا ينبغي ان يكون سبباً للتفرقة بين صفوف الامة الواحدة التي دعا اليها الكتاب العزيز.

وفي ليلة النصف من هذا الشعر ينظر الله جل اسمه الى عبادة بالرحمة والبركة. وفي العشر الثالث منه يشد اكثر من مليوني مسلم رحاله الى بيت الله الحرام ليلبي دعوة الحق ويقر له بالعبودية والتسليم تاركاً وراءه الدنيا وزخرفها وزبرجها.

وما يهمنا في هذا المجال هو تفسير وتطبيق الآية الكريمة من سورة المائدة، حيث قال سبحانه: (جعل الله الكعبة البيت الحرام قياماً للناس ..).

فقد اجمع المفسرون على ان الاصل في (قياماً) القوام، لانه من قام يقوم، وهو ما يستقيم به الامر ويصلح، ولا تستقيم احوال المسلمين من جوانب مختلفة تهم حياتهم، سواء كان في المجال الاقتصادي والمعيشي، او الجانب السياسي والمواقف. إلا في ظل تجمعات ومؤتمرات مدعومة اسلامياً وتكون نتائجها مقبولة لدى الجميع.

ولعل الآية المباركة هي بمثابة دعوة عامة للمسلمين لاقامة مؤتمرات عالمية وعلى مستوى رفيع. ويشترك فيها شخصيات، احزاب، وتكتلات اسلامية ومن شرائح مختلفة لاصلاح ما سقم من اوضاع المجتمع الاسلامي، وارشاده الى الطريق الصحيح.

والدين الاسلامي الحنيف مع تاريخه المشرق والمليء باللاعنف، متهم اليوم بالعنف والارهاب، والامة الاسلامية متهمة باستعمال العنف.

وهناك طاقات مجندة لضرب وتشويه سمعة ما يسمى باسم الاسلام وما يرتبط بالنبي الأمي الذي كان ولا زال اماماً للرحمة والمحبة والسلام.

فينبغي استغلال هذه الفترة الزمنية وهذا الاجتماع العظيم الذي ليس كمثله شيء، ولا يمكن حصوله في غير هذه الفترة، وهذا المكان المقدس.

ولو اجتمع المسلمون في الحج مثلاً على نبذ العنف والارهاب، وبذلوا جل جهودهم وطاقاتهم للدفاع عن الدين الاسلامي وكيانه لكان افضل عمل ديني يرضي الله سبحانه والرسول الكريم والامة الاسلامية.